للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الناس على دمائهم وأموالهم، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله تعالى، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب" رواه فَضَالة بن عبيد.

وبحث هذا الحديث مضى في الحديث الرابع من أول هذا الكتاب، إلا أنه ثَمَّ لفظ الحديث: "والمهاجر مَن هَجر ما نهى الله تعالى عنه"، وهنا "من هجر الخطايا والذنوب" ومعناهما واحد.

وأما معنى قوله عليه السلام: "والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم" يقال: أمنتُ زيدًا على هذا الأمر وائتمنته؛ أي: جعلته أمينًا، والأمين: حافظُ الأمانة؛ أي: تارك الخيانة، يعني: المؤمن الكامل هو الذي ظهرت أمانته وعدالته وصدقه بحيث لا يخاف منه الناس بإذهاب مالهم وقتلهم ومدِّ اليد على نسائهم، ومن لم يكن بهذه الصفة فهو مؤمنٌ ناقص.

واختلف العلماء في المسلم والمؤمن، فقال بعضهم: المسلم والمؤمن واحدٌ؛ لقوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: ٣٥ - ٣٦]، (فيها) راجع إلى قرى قوم لوط؛ يعني: أخرجنا وأنجينا في قرى قوم لوط لوطًا ومن آمن، به فما وجدنا في تلك القرى غير بيتٍ من المسلمين، و (المسلمين) و (المؤمنين) هنا واحد لأن المراد باللفظين لوطٌ عليه السلام ومَن آمن به، وإنما قال: (من المسلمين) ولم يقل: من المؤمنين، كي لا يتكرر لفظُ المؤمنين.

وقال الآخرون: المؤمن غير المسلم لقوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: ١٤] أنزلت هذه الآية في أعرابٍ من بني أسد ابن خزيمة؛ جاؤوا إلى النبي عليه السلام في سنة قحطٍ وأظهروا الشهادة، وقالوا: آمنا بك بالطوع والرغبة ولم نقاتلك كما قاتلك قبيلة فلان فأعطنا من الصدقة، قالوا هذا القولَ ولم يكن في قلوبهم الإيمان بل كانوا منافقين، فأنزل

<<  <  ج: ص:  >  >>