ولم يَخرجْ إلا واحدٌ منهم من الثُّلث، يُقرَعَ بينهم، فإن قيَّدَ بالتأخير، فقال: إذا متُّ فسالمٌ حرٌّ ثم غانمٌ ثم زيادٌ، أو قال: سالمٌ حرٌّ، وأَعتِقُوا غانمًا، ولم يَخرجْ إلا واحدٌ من الثُّلث، عتقَ الأولُ.
وفي الحديث إثباتُ القُرعةِ بينهم إذا أَعتقَهم معًا في مرض موته أو بعد موته؛ ليتميز العتيق عن غيره، فإن كانوا ثلاثةً قيمتُهم سواءٌ أُقرِعَ بينهم بسهمَي رقٍّ وسهم حريةٍ، فمَن خرج له سهمُ الحرية، كان عتيقًا من وقت إنشاء العتق، وما اكتسبَ من ذلك الوقتِ فله، ورقَّ الآخرانِ.
وإن كانوا ستةً، جزَّأهم على ثلاثة أجزاء على اعتبار القيمة، فإن كانت قيمتُهم متفاوتةً بأن كانت ثلاثةٌ منهم قيمةُ كلِّ واحدٍ مئةٌ، وثلاثةٌ قيمةُ كلِّ واحدٍ خمسون؛ ضُمَّ كلُّ واحدٍ ممن قلَّتْ قيمتُه إلى واحدٍ ممن كثرَتْ قيمتُه، ثم أُقرِع بينهم بسهمَي رقًّ وسهم حريةٍ.
وإن لم تمكن التسويةُ بين الأجزاء في العدد بأن كانت قيمةُ واحدٍ مئةً، وقيمةُ اثنين مئةً، وقيمةُ ثلاثةٍ مئةً؛ جُعل الواحدُ جزءًا، والاثنين جزءًا، والثلاث جزءًا.
وإن كانوا ثلاثةً قيمةُ واحدٍ مئةٌ وخمسون، وقيمةُ الآخر مئةٌ، وقيمةُ الثالث خمسون؛ أُقرِع بينهم بسهمَي رقٍّ وسهم حريةٍ؛ فإن خرجت القُرعةُ للذي قيمتُه مئةٌ وخمسون عتقَ ثلثاه وتمَّ الثُّلث، وإن خرجت القُرعةُ للذي قيمتُه مئةٌ، عتقَ كلُّه، وهو ثلثُ ماله، وإن خرجت القُرعةُ للذي قيمتُه خمسون، عتقَ كلُّه، ثم تُعاد القُرعةُ بين الآخرَين، فيُقرَع بينهما بسهم رقٍّ وسهم حريةٍ، فإن خرج سهمُ الحرية للذي قيمتُه مئةٌ، عتقَ نصفُه، وإن خرج للذي قيمتُه مئةٌ وخمسون، عتقَ ثلثُه.
وذهب إلى الإقراع جماعةٌ من أهل العلم، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق.