وذهب قوم إلى أنه لا يُقرَع، بل يُعتَق من كل عبدٍ ثلثُه، ويُستسعَى في ثُلثَيه للوَرَثة، حتى يعتقَ كله، وبه قال أصحابُ الرأي.
* * *
٢٥٣٦ - وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَجْزِي وَلَدٌ والِدَهُ إلا أنْ يَجِدَهُ مَملوكًا فيشتَرِيَهُ فيُعتِقَهُ".
قوله:"لا يجزي ولدٌ والدَه إلا أن يجدَه مملوكًا؛ فيَشتريَه، فيُعتقَه"، قال في "شرح السُّنَّة": والعملُ على هذا عند أهل العلم، قالوا: إذا اشترى الرجلُ أحدًا من آبائه أو أمَّهاته، أو أحدًا من أولاده وأولاد أولاده، أو ملكَه بسببٍ آخرَ، يعتقُ عليه من غير أن يُنشِئَ فيه عتقًا.
وقال أيضًا: قوله: (فيُعتقه) لم يُرِدْ به: أنَّ إنشاءَ الإعتاق شرطٌ، بل أراد به: أنَّ الشراءَ يُخلِّصه عن الرِّقِّ، فعلى هذا المعنى الفاء في (فيُعتقه) للسببيَّة؛ يعني: سببُ إعتاقِه شراؤه، ولا يحتاج إلى قوله:(أَعتقتُك) بعد الشراء، بل عَتَقَ بنفس الشراء.
وذهب أهلُ الظاهر وبعضُ المُتكلِّمين: إلى أنَّ الأبَ لا يعتقُ على الابن؛ لأنَّ في الحديث:(فيَشتريَه، فيُعتقَه)؛ يعني: الفاء في (فيُعتقه) للتعقيب، لا للسببيَّة، وإذا صحَّ الشراءُ، ثبتَ المُلكُ، والمُلكُ يُفيدُ التصرُّفَ.
و (مملوكًا): نُصب على الحال من الضمير المنصوب في (يجده)، وهو ضمير الوالد، والعامل فيه (يجد).
* * *
٢٥٣٧ - عن جابرٍ - رضي الله عنه -: أنَّ رجلًا من الأنصارِ دَبَّرَ مملوكًا ولم يَكُنْ لهُ مالٌ غيرُه، فبلغَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: مَن يَشتريهِ مِنَّي؟ فاشتراهُ نُعيمُ بن النَّحَّامِ العدويٌ بثمانمائةِ درهمٍ.