قولها:"أَعتقتُكَ، وأشترطُ عليكَ أن تخدمَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ما عِشتَ"، (ما) في (ما عشتَ) للدوام، هذا لا يوجب الخدمة؛ لأنه وعدٌ، والوعد لا يلزمُه الوفاءُ به، وإنما كان وعدًا؛ لأنه عَتَقَ بقول سيدته: أَعتقتُك؛ فلفظُ (أشترط) قد وقع بعد عتقه.
قال الخطَّابي: هذا وعدٌ عُبر عنه باسم الشرط، وأكثرُ الفقهاء؟ لا يُصحِّحون إيقاعَ الشرط بعد العتق؛ لأنه شرطٌ لا يُلاقي في مُلكًا، ومنافعُ الحرِّ لا يملكها غيرُه إلا بالإجارة أو ما في معناها.
وقد اختلفوا في هذا؛ فكان ابن سيرين يُثبتُ الشرطَ في مثل هذا، وسُئل أحمدُ بن حنبلَ عنه، فقال: يشتري هذه الخدمةَ من صاحبه الذي اشتَرط له، قيل له: يشتري بالدراهم؟ قال: نعم.
قال في "شرح السُّنَّة": لو قال رجلٌ لعبده: أَعتقتُك على أن تخدمَني شهرًا، فقبلَ؛ عتقَ في الحال، وعليه قيمةُ رقبتِهِ للمولى.
* * *
٢٥٤٥ - عن أمِّ سَلَمَةَ قالت: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانَ عندَ مُكاتَبِ إحداكُنَّ وَفاءٌ فلتَحْتَجِبْ منه".
قوله:"إذا كان عند مُكاتَبِ إحداكنَّ وفاءٌ، فَلْتَحتجِبْ منه"؛ يعني: خاطَبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جماعةَ نسوةٍ، فقال: إذا قدر مُكاتَبُ إحداكنَّ على أداء النجومِ نجومِ الكتابة، ولم يُؤدِّ بعدُ، ينبغي أن تحتجبَ منه؛ من حيث الورعُ والاحتياطُ؛ لأنه بصددِ أن يعتقَ ساعةً فساعةً، بأن يُؤديَ نجومَ الكتابة، لكنه رقيقٌ بعدُ، هذا معنى قول مُحيي السُّنَّة في "شرح السُّنَّة".