٢٥٨٢ - ورُوي: أن عُقْبَةَ بن عامرٍ - رضي الله عنه - سألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن أُختٍ له نذرَتْ أنْ تَحُجَّ حافيةً غيرَ مُختمِرَةٍ؟ فقال:"مروها فلْتَخْتَمِرْ ولتَركبْ، ولتَصمْ ثلاثةَ أيامٍ".
قوله:"نذرتْ أن تحجَّ حافيةً غيرَ مُختمِرة"، (حافية): حال من الضمير في (أن تحجَّ)، و (غيرَ مُختمِرة): حال بعد حال من الضمير المذكور.
قوله:"مُرُوها فَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَركبْ، وَلْتَصمْ ثلاثةَ أيام"، قال الخطَّابي: أمَّا أمرُه إياها بالاختمار والاستتار، فلأنَّ النذرَ لم ينعقدْ فيه؛ لأنَّ ذلك معصيةٌ، والنساءُ مأموراتٌ بالاختمار والاستتار. وأمَّا نذرُها المشي حافيةً، فالمشي قد يصحُّ فيه النذر، وعلى صاحبه أن يمشيَ إن قدرَ عليه، فإذا عجز ركبَ وأهدى هَدْيًا، وقد يحتمل أن تكونَ أختُ عقبة كانتَ عاجزةً عن المشي، بل قد رُوي ذلك من رواية ابن عباس.
وأمَّا قولُه:(وَلْتَصمْ ثلاثةَ أيام)، فإنَّ الصيامَ بدلٌ من الهدي، خُيرتْ فيه كما خُير قاتلُ الصيد أن يفديَه بمثله إذا كان له مثلٌ، وإن شاء قوَّمَه وأخرجَه إلى المساكين، وإن شاء صام بدلَ كلِّ مُدٍّ من الطعام يومًا، وذلك قوله تعالى:{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}[المائدة: ٩٥]، هذا كلُّه لفظُ الخطَّابي.
* * *
٢٥٨٣ - وعن سعيدِ بن المُسيبِ: أنَّ أَخَوَيْنِ مِن الأنصارِ كانَ بينَهما ميراثٌ فسألَ أحدُهما صاحبَهُ القِسْمَةَ فقال: إنْ عُدتَ تسألُني القِسْمَةَ فكلُّ مالي في رِتاجِ الكعبةِ، فقالَ لهُ عمرُ - رضي الله عنه -: إنَّ الكعبةَ غنيةٌ عن مالِكَ، كفِّرْ عن يمينِكَ وكلَّم أخاكَ، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:"لا يمينَ عليكَ، ولا نذرَ في معصيةِ الربَّ، ولا في قَطيعةِ الرَّحِمِ، ولا فيما لا تملكُ".