إذا غفرتَ يا ربِّ لجميع جوارحه، فاغفر ليدَيه أيضًا برحمتك التي وسعَتْ كلَّ شيءٍ.
* * *
٢٥٩٦ - عن أبي شُرَيْحٍ الكَعْبيَّ، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "ثم أنتم يا خُزَاعَةُ قد قتلْتُم هذا القتيلَ مِن هُذَيْل وَأَنا والله عاقِلُهُ، مَن قَتَلَ بعدَه قتيلاً فأهلُه بينَ خِيرَتَيْنِ إن أَحَبُّوا قَتَلُوا، وإنْ أَحبُّوا أَخَذُوا العَقْلَ".
قوله:"فأهلُه بين خِيَرتَين: إن أحبُّوا قَتلوا، وإن أحبُّوا أخذوا العَقْل"، (الخِيَرة) بكسر الخاء وفتح الياء: اسم بمعنى الاختيار، و (العَقل): الدِّية، قيل: عَقلتُ القتيل؛ أي: أعطيتُ دِيتَه، وقيل: مأخوذ من (عَقلتُ البعيرَ): إذا حبستُه بالعِقال، وقيل: مأخوذ من أن تُعقَل الإبلُ بفِناء وليِّ الدم.
يعني: الخِيار إلى أولياء الدم بين القِصاص وبين أخذ الدِّية.
قال الخطَّابي رحمه الله: فيه دليلٌ على أنَّ الدِّيةَ مُستحَقةٌ لأهله كلَّهم، ويدخل في ذلك الرجال والنساء والزوجات؛ لأنهم جميعًا أهلُه، وفيه دليلٌ على أنَّ بعضَهم إذا كان غائبًا أو طفلاً، لم يكنْ للباقين القِصَاصُ حتى يبلغَ الطفلُ ويقدَمَ الغائبُ؛ لأنَّ مَن كان له خِيارٌ في أمرٍ لم يجزْ أن يفتاتَ عليه قبل أن يختارَ؛ لأنَّ في ذلك إبطالَ خِياره، وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد، وقال مالك وأبو حنيفة: للكِبارِ أن يستوفوا حقَّهم في القَوَد، ولا ينتظروا بلوغ الصِّغار.
* * *
٢٥٩٧ - عن أنسٍ - رضي الله عنه -: أنَّ يهوديًّا رَضَّ رأسَ جاريةٍ بينَ حَجَريْنِ فقيلَ لها: مَنْ فعلَ بكِ هذا أَفُلانٌ؟ أَفُلانٌ؟ حتى سُمِّيَ اليهوديُ فأَوْمَأَتْ برأسِها، فجيءَ باليهوديَّ فاعتَرفَ، فأمرَ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رأسُه بالحِجارةِ.