ما بظهرك من الداء الذي ظهر؛ فإني أعرف الطبَّ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنت رفيقٌ، والله الطبيب". قال في "شرح السُّنَّة": قوله: (أنت رفيق) معناه: أنت ترفق بالمريض، فتحميه مما يُخشَى أن لا يتحملَه بدنُه، وتُطعمه ما تَرى أنه أرفقُ به.
(الطبيبُ) هو العالِمُ بحقيقة الداء والدواء القادرُ على الصحة والشفاء، وليس ذلك إلا الله الواحد القهار، ثم تسميةُ الله تعالى به أن يُذكَرَ في حال الاستشفاء، مثل أن يقول: اللهم أنتَ المُصحِّح والمُمرِض والمُداوِي والطبيب، ونحو ذلك، فأمَّا أن يقولَ: يا طبيبُ! افعلْ كذا، كما يقول: يا حليمُ يا رحيمُ، فإنَّ ذلك مُفارقٌ لأدب الدعاء؛ فإنما الدعاءُ الثناءُ عليه بأبلغِ الألفاظ والمُختصِّ به، بخلاف الشائع المشترك بينه وبين غيره، ولأنَّ أسماءَه توقيفيةٌ، وأيضًا الطبيب عُرفًا: إنسان آخر سوف يمرض ويموت، فنُزِعَ عن لفط مُشعرٍ بنقصانٍ.
* * *
٢٦٠٩ - عن الحسنِ، عن سَمُرَة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قتلَ عبدَهُ قتلْناهُ، ومَن جَدع عبدَهُ جَدَعْناهُ، ومَن أَخْصَى عبدَه أَخصيْناهُ".
قوله:"مَن قتل عبدَه قتلْناه"، قال الخطَّابي: هذا زجرٌ؛ ليَرتدعوا فلا يُقدموا على ذلك، كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في شارب الخمر:"إذا شربَ فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، ثم قال في الرابعةِ أو الخامسةِ: فإن عادَ فاقتلوه"، ثم لم يقتلوه حين جِيء به وقد شرب رابعًا أو خامسًا.
وقد تأوَّلَه بعضُهم على أنه إنما جاء في عبدٍ يملكه مرةً، فزال عنه ملكُه، وصار كفُؤًا له بالحرية، فإذا قتلَه كان مقتولاً به، وهذا كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا}[البقرة: ٢٣٤]؛ أي: مَن كنَّ أزواجًا قبل الموت.