فلمَّا فطمَتْه أَتَتْه بالصبيِّ في يدِه كِسْرةُ خبزٍ فقالت: هذا يا نبيَّ الله! قد فطمْتُه وقد أكلَ الطعامَ، فدفعَ الصبيَّ إلى رجلٍ من المسلمينَ، ثم أمرَ بها فحُفِرَ لها إلى صدرها وأمَرَ الناسَ فرجمُوها، فيُقبلُ خالدُ بن الوليدِ بحجرٍ فرَمَى رأسَها، فتَنَضَّح الدمُ على وجهِ خالدٍ فَسَبَّها، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مهلاً يا خالدُ! فوَالذي نفسي بيدِه لقد تابَتْ توبةً لو تَابَها صاحبُ مَكْسٍ لغُفِرَ لهُ"، ثم أَمَرَ بها فصلَّى عليها ودُفِنَتْ.
قوله:"فاسْتَنْكَهَهُ": قال في "الصحاح": فاسْتَنْكَهْتُ الرجلَ فَنَكَهَ في وجهي يَنْكِهُ نَكْهًا: إذا أمرتُهُ بأن يَنْكَهَ، ليعلمَ أشاربٌ هو أم غيرَ شاربٍ، النَّكْهَةُ: ريحُ الفم.
قوله:"فَكَفَلَهَا رجلٌ من الأنصار حتى وَضَعَتْ"، (كَفَلَهَا)؛ أي: ضمنها؛ يعني: صار كفيلاً لها وقائمًا بمصالحها حتى وضعت ولدها.
قوله:"إذًا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا"، (إذًا) جواب وجزاء، (ندع)؛ أي: نترك؛ يعني: إذا وضعت ما في بطنها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: إذن نؤخر رجمها حتى أرضعت ولدها.
وفيه دليل على أنه إذا وجب الحدُّ على الحامل لا يقام عليها ما لم تضع الحمل؛ لأن الإذن في معاقبتها قبل الوضع إهلاك البريء بسبب المذنب، سواء كانت العقوبة لله تعالى أو للعباد.
قوله:"فتقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها": وفي أكثر "نسخ المصابيح": "تقيل" على وزن (تفعل) بياء تحتها نقطتين؛ معناه: تتبع، وفي بعضها:"يقبل" على وزن (يَفعل) مضارع معروف من أقبل إقبالًا، فعلى هذا فكأن الراوي قال: رأيت خالدًا يقبل بحجر، على حكاية الحال، قيل: الثاني هو الرواية.