يُظهر محبةً باللسان ويكون في قلبه في الخلوة على خلاف محبته، سمي ذلك الشخص منافقًا وكان مسلمًا، ولكن الفرق بين هذا المنافق وبين الذي تقدم ذكره ظاهرٌ؛ لأن هذا المنافق مذنبٌ عاصٍ وذلك المنافق كافرٌ.
والواو في "وإن صام" للمبالغة.
"زعم": أي: ادَّعى؛ يعني مَن به هذه الخصال الثلاث فهو منافق وإن كان يصوم ويصلي ويدعي "أنه مسلم"، فإن كانت هذه الخصال في منافق يُظهر الإسلام ويعتقد الكفر فهو منافقٌ خالص لا شك فيه، ويخلد في النار، ولا ينفعه صومُه ولا صلاته يوم القيامة.
وإن كانت هذه الخصال في مسلم: فإن كان يعتقد استحلالَها، فهو كافرٌ ما دام على هذه الاعتقاد، وأما إذا اعتقد تحريم هذه الخصائل ويفعلُها، فهو مسلمٌ مذنبٌ، وهو في الفعل منافق لا في الاعتقاد والإيمان، وعلَّةُ تشبيهه بالمنافق: أنَّا قد قلنا أن المنافق هو الذي يُظهر بخلاف ما يُبطن ويُسِرُّ، وهذا المسلم يعتقد الإيمان وحقيقةَ الإسلام، وهو يفعلُ أفعال المسلمين من الصوم والصلاة وغيرها من العبادات عن الاعتقاد والإيمان، ولكن يفعل في بعض الأزمان ما يخالف أمر الشرع، فمِن أجل هذه المخالفة سمِّي منافقًا، وشبِّه بالمنافقين في الفعل لا في الاعتقاد والإيمان.
قوله:"وإذا اؤتمن خان": على بناء ماضٍ مجهولٍ، إذا جُعل أمينًا ووُضع عنده أمانة.
* * *
٣٩ - وقال:"أربعٌ مَنْ كُنَّ فيهِ كان مُنافِقًا خالصًا، ومَنْ كانتْ فيهِ خَصْلةٌ مِنهنَّ كانتْ فيهِ خَصلة مِنَ النفاقِ حتى يدَعَها: إذا ائتُمِنَ خانَ، وإذا حدَّثَ كذبَ، وإذا عاهدَ غدرَ، وإذا خاصم فجَرَ"، رواه عبد الله بن عمْرو - رضي الله عنهما -