أحدهما: في سورة (النمل)، وهو قوله تعالى:{وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ}[النمل: ١٢]، وهذا بعد قصة عصًا؛ أي اجعل يدك في قميصك لتخرج يدك بيضاء من النور؛ ليكون ذلك معجزةً لك بعد أن جعلنا عصاك حية، وقوله:{مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}: أي لا يكون بياض يدك من البرص بل من النور، {فِي تِسْعِ آيَاتٍ}: أي لتكون العصا واليد من جملة تسع آيات التي بعثناك بها إلى فرعون وقومه، وهذه التسع هي: العصا، واليد، والطوفان، والجراد، والقمَّل، والضفادع، والدم، والسنون، وهو القحط، ونقص ثمراتهم، وهذه التسع معجزات.
والموضع الثاني: في (بني إسرائيل)، وهو قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ} هي التي سأل اليهوديان رسول الله عليه السلام عنها، وهي أحكامٌ بدليلِ أن رسول الله عليه السلام أجابهما بتسعٍ من أحكام، وبدليلِ أن أبا عيسى أورد هذا الحديث في "صحيحه" على هذا النمط، ثم قال: وفي رواية: فسألا عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}، فلما جاء في بعض الروايات منصوصًا أن اليهوديين سألا رسول الله عليه السلام عن قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} وأجابهما رسول الله عليه السلام بتسعٍ هنَّ أحكامٌ، علمنا أنهما لم يسألاه عن التسع التي هي معجزات.
قوله:"لا تشركوا بالله ... " إلى آخره، فإن قيل: إن اليهوديين سألا عن تسع آيات، والمذكورُ فيما أجابهما رسول الله عليه السلام عشر، فكيف يكون هذا؟.
قلنا: روى هذا الحديث أبو داود، عن مسدد، عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلام، عن صفوان بن عسال، ولم يذكر يحيى:"ولا تقذفوا محصنة"، وذكر أكثر أصحاب شعبة أن شعبة شك في