القضاء، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان قاضيًا يَقْتضي بين الناس بالعَدْل، ومَن عدلَ كان وارثًا له - صلى الله عليه وسلم -، وجميع ما ذُكِرَ من فَضْلِ العِلْمِ في (باب العلم) متوجِّهٌ في حقه.
روى هذا الحديثَ أبو هريرة.
* * *
٢٨١١ - وقال:"مَن ابتغَى القضاءَ وسألَهُ وُكِلَ إلى نَفْسِه، ومَن أُكْرِهَ عليهِ أَنزَلَ الله عليهِ ملَكًا يُسدِّدُه".
قوله:"من ابتغى القضاء ... " إلى آخره.
أي: من طلبَ القضاء لميلِ نفسِه إلى المَنْصِب والحُكْمِ وجَمْعِ المال لم يُعِنْه الله؛ لأنه اتَّبعَ مرادَ نفسِه وقَلْبه، ومن لم يطلب القضاءَ، فأكرهه السلطانُ على القضاء أعانَه الله، وألهمَه الصوابَ، وسدَّد لسانَه؛ أي: سوَّى لسانَه وقلبَه بالحقِّ، وأصلحَه؛ لأنه قَبلَ القضاءَ لطاعة السلطان، وطاعةُ السلطان طاعةُ الله.
روى هذا الحديث أنس.
* * *
٢٨١٢ - وقال:"القضاةُ ثلاثةٌ: واحدٌ في الجنَّةِ، واثنانِ في النَّارِ، فأمَّا الذي في الجنَّةِ: فرَجُلٌ عَرَفَ الحقَّ فقَضَى بهِ، ورَجُلٌ عرفَ الحقَّ فَجارَ في الحُكْمِ فهوَ في النَّارِ، ورَجُلٌ قضَى للنَاسِ على جهلٍ فهوَ في النَّارِ".
قوله:"قضى للناس على جَهْلٍ"؛ يعني: الذي ليس له علمٌ فقضى، فهو آثم في القضاء سواءٌ اتفقَ قضاؤُه صوابًا أو خطأً؛ لأن من ليس له علمٌ لا يجوزُ أن يقبلَ القضاء، ولا يصحُّ قضاؤه ولا فتواه.