٢٨١٣ - وقال:"مَن طلَبَ قضاءَ المسلمينَ حتى ينالَهُ، ثم غلبَ عدلُه جَوْرَهُ فلهُ الجنَّةُ، ومَن غلبَ جَوْرُهُ عدلَهُ فلهُ النَّارُ".
قوله:"حتى ينالَه"؛ أي: حتى يجدَه.
قوله:"غلبَ عدلُه جَوْرَه"؛ يقال:(غَلَبَ) باعتبارين: أحدهما: بمعنى: قَوِيَ، والثاني: بمعنى: صار أكثرَ مِن غيرِه في العَدَد.
ومعنى (غَلَبَ) هنا: قوي؛ أي: مَنْ قويَ عَدْلُه بحيثُ لا يدَعُ عدلَه أن يصْدُرَ منه جورٌ، وهو الظُّلْم.
وقوله:"غَلَبَ جورُه عَدْلَه"؛ معناه: قَوِيَ جَوْرُه بحيث لم يقدِرْ عدلُه أن يمنَعه عن الجَوْر، بل صدَرَ منه الجَوْرُ والعَدْل، فمن صدَرَ منه جورٌ عن عمد، ولم يستحلَّ صاحبُه استحقَّ النارَ، ثم إن شاء الله عفا عنه بأن يرضيَ خصمَه، وإن شاء عاقَبه بقدْرِ ظلمه.
والجَوْرُ لا يُعْفَى عنه، لا عن قليله، ولا عن كثيره؛ لأنه حقوق الآدميين، وحقوق الآدميين تتعلَّق بالاقتصاص، ولا يعفو الله عنه إلا بإرضاء الخصوم.
روى هذا الحديثَ أبو هريرة.
* * *
٢٨١٤ - عن معاذِ بن جَبلٍ - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا بعثَهُ إلى اليمنِ قال:"كيفَ تقضي إذا عَرضَ لكَ قضاءٌ؟ "، قال: أقضي بكتابِ الله، قال:"فإنْ لم تَجِدْ في كتابِ الله؟ "، قال: فبسُنَّةِ رسولِ الله، قال:"فإنْ لم تَجِدْ في سُنَّةِ رسولِ الله؟ "، قال:"أَجتهِدُ رأيي ولا آلو، قال: فضربَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على صدرِهِ وقال: "الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَ رسولَ رسولِ الله لِما يُرضي رسولَ الله".
قوله: "أَجْتَهِدُ رأيي"؛ أي: أطلُبُ تلك الواقعةَ بالقياس على المسائل التي