وقال الشافعيُّ في قولٍ آخر: يُقْرَعُ بين المتداعيين، فمن خرجَتْ قرعتُه يَحْلِفُ ويأخُذُ، وكذلك قال أحمد، إلا أنه قال: إذا خرجتْ لأحدهما القرعةُ يكون ذلك المتاعُ له بلا يمين.
* * *
مِنَ الحِسَان:
٢٨٣٩ - عن أُمِّ سَلمةَ رضي الله عنها، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: في رَجُلَيْنِ اختصَما إليهِ في مَوَاريثَ لم يكنْ لهما بينَةٌ إلا دَعْوَاهُمَا فقال: "مَنْ قضَيتُ لهُ بشيءٍ مِن حقِّ أخيهِ فإنَّما أَقطعُ لهُ قِطعةً مِن النّارِ"، فقال الرَّجُلانِ كلُّ واحدٍ منهما: يا رسولَ الله! حقِّي هذا لِصَاحِبي، فقالَ:"لا ولكنْ اذهبَا فاقتسِما وتَوَخَّيا الحقَّ، ثم استَهِما ثم لْيُحَلِّلْ كلُّ واحدٍ منكما صاحِبَهُ".
ويُروى أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ في هذا الحديث:"إنما أَقضي بينَكم برأيي فيما لم يُنْزَلْ عليَّ فيهِ".
قوله:"في مَوَاريثَ"، وهي جَمْعُ موروث؛ يعني: تداعَيا في أمتعة، فقال أحدهما: هذه الأمتعة لي ورثْتُها من مُوْرِثي، وقال الآخر: بل إنها لي، ورثْتُها من مُوْرِثي، ولم يكنْ لهما بَينَةٌ بما قالا، فخَوَّفَهما رسولُ الله بقوله: إنما أَقْطَعُ له قِطْعةً من النار، فخافا وقال كلُّ واحدٍ منهما: هذا لصاحبي، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"فاقتسِما وتوخَّيا الحقَّ"؛ أي: اطلُبا العَدْلَ في القِسْمة، واجْعَلاها نِصْفَين.
"ثم اسْتَهِمَا"؛ أي: ثم أَقْرِعا، حتى يَظْهَرَ بالقُرْعَة، أيُّ القسمين وقعَ في نصيب كلِّ واحدٍ منكما، ثم ليحْلِلْ كلُّ واحدٍ منكما صاحبَه.