من الأحكام مشترِكٌ فيها جميع الناس، وأما هذا الأخير فخطابٌ لليهود خاصة.
(اليهود): نصبٌ على التفسير؛ أي: أعني اليهود، وجاء في بعض الروايات: يهودُ بالرفع من غير تنوين، ومن غير الألف واللام، وتقديره: يا يهود، فحذف حرف النداء، والمعنى وفرض عليكم يا يهود.
(الاعتداء): مجاوزةُ الحد، و (أن لا تعتدوا) مفعولُ (عليكم)، والمراد بقوله:(لا تعتدوا في السبت): لا تصيدوا السمك في يوم السبت، ولا تُجاوِزوا أمر الله تعالى فيه.
قوله:"فقبلا يديه ورجليه"؛ أي قال الراوي: فقبل اليهوديان يدي رسول الله عليه السلام ورجليه لمَّا أجابهما بما سألاه.
قوله عليه السلام:"فما يمنعكم أن تتبعوني"؛ يعني: أيُّ شيء يمنعكم يا معشر اليهود عن الإسلام، واتِّباعي في هذا الدين؟
"قالا: إن داود دعا ربه أن لا يزال من ذريته"؛ أي: دعا داود النبيُّ عليه السلام أن لا تنقطع النبوة في ذريته إلى يوم القيامة، وإذا دعا داود يكون دعاؤه مستجابًا البتة؛ لأنه لا يردُّ الله تعالى دعاء نبي، فإذا كان كذلك فسيكون نبيٌّ من ذريته وتتبعه اليهود، وربما يكون لهم الغلبة والشوكة، فإن تركنا دينهم واتبعناك تقتلنا اليهود إذا ظهر لهم نبي وقوة.
هذا معنى قولهم:(إن داود دعا ربه)، وهذا كذبٌ منهم، وافتراءٌ على داود عليه السلام؛ لأن داود عليه السلام لم يَدْعُ بهذا الدعاء، ولا يجوز لأحد أن يعتقد في داود هذا الدعاء؛ لأن داود قرأ في التوراة والزبور نَعْتَ محمد رسول الله عليه السلام أنه خاتم النبيين، وأنه ينسخ جميع الأديان والكتب، فإذا أخبر الله تعالى داود بنعت رسول الله عليه السلام على هذه الصفة فكيف يدعو على خلافِ ما أخبره الله تعالى من شأن محمد عليه السلام؟