ولم يَصِرِ اليهوديان مسلمين بقولهما:"نشهد أنك نبي" لأنهما لم يقولا هذا اللفظ عن الاعتقاد أنه نبيٌّ إلى كافة الخلق، بل اعتقدا أنه نبي العرب فقط، والدليل على أنهما لم يعتقداه نبيَّ كافة الخلق أنهما لم يتَّبعاه في أحكام الإسلام، بدليل قوله عليه السلام:(فما يمنعكم أن تتبعوني)، وهذا الخطاب لهما ولغيرهما من اليهود، وكذلك قولهما:"وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود" يدلُّ على أنهما لم يتَّبعا رسول الله عليه السلام في أحكام الإسلام.
واسم جدِّ صفوان: ربض بن زاهر المرادي.
* * *
٤٢ - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثٌ من أصلِ الإيمانِ: الكفُّ عمَّنْ قال: لا إله إلَاّ الله، لا تُكفِّرْهُ بذنبٍ، ولا تُخرجْه من الإسلامِ بعمَلٍ، والجهادُ ماضٍ مُذْ بعثَني الله إلى أن يُقاتِلَ آخرُ أُمتي الدجَّالَ، لا يُبطلهُ جوْرُ جائرٍ، ولا عَدلُ عادلٍ، والإِيمانُ بالأَقْدارِ".
قوله:"ثلاثٌ من أصل الإيمان"؛ أي: ثلاثُ خصال من أصل الإيمان، أحدها:"الكف عمن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله" لا يجوز إيذاؤه بالقتل وأخذِ المال وغيرِ ذلك؛ لأنه مسلم.
قوله:"لا تكفره" فيه روايتان: التاء وجزمُ الراء، والنونُ ورفعُ الراء، ومعنى التكفير: نسبةُ أحدٍ إلى الكفر، وكذلك:"تخرجه" جاء بالتاء والجزم، وبالنون والرفع، يعني: لا يصير كافرًا بعد الإقرار بكلمتي الشهادة بأن يذنب ذنوبًا سوى الكفر.
قوله:"والجهاد ماض"؛ يعني: الخصلة الثانية: اعتقاد كون الجهاد ماضيًا؛ أي: باقيًا، والتقدير [في] قوله: "مذ بعثني الله": مذ فرض الجهاد وأُمرت بالجهاد إلى خروج الدجال يكون الجهاد باقيًا، وبعد قتل الدجال