قوله:"جُهْدُ المُقِلِّ"، (الجُهْدُ) - بضم الجيم -: الطاقةُ، و (المُقِلُّ): الفقيرُ؛ يعني: ما أعطاه الفقيرُ مع احتياجه إلى ما أعطاه، وهذا بشرطِ أن يكونَ المُعطي قد أعطى نفقةَ العيال، ثم جوَّع نفسَه، وأعطى نصيبَه السائلَ، ولا يجوزُ أن يقطَعَ النفقةَ عن العيال، ويدفعَها إلى السائل إلا برضا العيالِ البالغين.
قوله:"فأيُّ القتل أشرفُ؟، قال: من أُهرِيقَ دمُه، وعُقِرَ جوادُه"، وتقدير هذا الكلام: قتلُ مَنْ أُهريقَ دمُه في الجِهاد، وعُقِرَ جوادُه فيه، فحذفَ المضافَ، وهو الَقْتلُ، وأقامَ المضافَ إليه، وهو لَفْظَةُ (مَنْ) مُقَامَه.
(العَقْرُ): القَتْلُ، وقَطْعُ عَقِبِ الرَّجُل، و (الجَوادُ): الفرسُ الجَيد.
يعني: القتلُ في الجهاد أنواع:
أحدها: أن يخرجَ المجاهِدُ، ثم يفرَّ ويموتَ بعد الفرار.
والثاني: أن يخرجَ المجاهِدُ في صفِّ المسلمين بأن يقعَ عليه سهمٌ فيموت.
والثالث: أن يحملَ على الكفار، ويوقِعَ نفسه بين الكفار، ويحاربَهم حتى يَعْقِرَ الكفارُ فرسَه ويقتُلوه، فهذا أفضلُ القَتْلِ في الجهاد.
* * *
٢٨٩٩ - عن المِقْدَامِ بن مَعدِ يكرِبَ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "للشَّهيدِ عندَ الله سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لهُ في أولِ دفعةٍ، ويَرَى مَقْعَدَهُ مِن الجَنَّةِ، ويُجَارُ مِن عذابِ القبرِ، ويَأْمَنُ مِن الفَزَعِ الأكبرِ، ويُوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الوَقارِ، الياقوتَةُ منها خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، ويُزَوَّجُ ثِنْتَيْنِ وسبعينَ زوجةً من الحورِ العينِ، ويُشُفَّعُ في سبعينَ مِن أقربائه".