لا تدري أن الله ينزل الوحي على نبيه فيهم أو لم ينزل.
ومع أن زمان النبي زمانُ الوحي لا يجوز للإمام أن يشترط نزول أهل قلعة بحكم الله، فكيف يجوز بعد النبي لإمامٍ أو لأمير جيش أن يشترط نزول أهل قلعة بحكم الله على واحد من الأشياء المذكورة على التعيين؛ لأن أحدًا لا يعرف مراد الله تعالى، بل يشترط الإمام مع أهل القلعة النزول بما يقتضي إليه اجتهاده من الأشياء المذكورة.
* * *
٢٩٧٧ - عن عبدِ الله بن أبي أَوْفَى - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أيَّامِهِ التي لَقِيَ فيها العَدُوَّ انتظرَ حتى مالَت الشمسُ ثمَّ قامَ في الناسِ فقالَ:"يا أيُّها الناسُ، لا تتمَنَّوا لقاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا الله العافيةَ، فإذا لقيتمُوهم فاصبرُوا، واعلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تحتَ ظِلالِ السيوفِ، ثمَّ قال: اللهمَّ مُنزِلَ الكتابِ، ومُجْرِيَ السحابِ، وهازِمَ الأحزابِ، اهْزِمْهُمْ، وانصرَنا عليهم".
قوله:"لقي فيها"؛ أي: قاتل الكفار، الضمير في (فيها) ضمير (الأيام).
"انتظر حتى مالت الشمس"؛ يعني: لم يحارب قبل الظهر لفَرْطِ الحرارة، وانتظر حتى دخل الظهر وانكسر بعض الحرارة، ثم وعظ الناس وحرَّضهم على القتال.
قوله:"واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف"؛ يعني: الجنة تحصل للرجل عند استعمال السيوف في قتال الكفار، وإنما ذكر السيوف من بين آلات الحرب؛ لأن أكثر سلاح العرب السيوف، ولأن استعمال السيوف أشد من استعمال السهم؛ لأن استعمال السيوف إنما يكون بمقاربة العدو، ومقاربةُ العدو أشدُّ خوفًا من مباعدته.