وعن أحمد روايتان: رواية كأبي حنيفة، ورواية كالشافعي.
اعلم أن الخصال الثلاثة غير متضحة تحتاج إلى تبيينها:
فإحدى الخصال: الإِسلام والتحوُّل إلى دار المسلمين.
وثانيها: الإِسلام وتركُ التحوُّل.
وثالثها: الجزية.
"فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم (١) أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهونُ من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله".
"الذمة": العهد؛ يعني: فإن قال أهل القلعة من الكفار لأمير جيش المسلمين: اجعل لنا ذمة الله وذمة رسول الله، فلا تقل؛ أيها الأمير: جعلت لكم ذمة الله وذمة رسوله، بل قل: جعلتُ لكم ذمتي، أو ذمتي وذمة أصحابي، فإنهم لو نزلوا ثم نقضوا عهدكم أهون من أن ينقضوا عهد الله وعهد رسوله.
"وإن حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تُنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيبُ حكمَ الله فيهم أم لا؟ ".
يعني إن اشترط أهلُ القلعة معك وقالوا: إنا ننزل من القلعة بما تحكم علينا باجتهادك، فاقبل منهم هذا الشرط؛ لأنك تقدر على اجتهادك فيهم: مِن قتلهم، أو ضربِ الجزية عليهم، أو استرقاقهم، أو المنِّ، أو الفداء، فأيُّ شيء رأيت فيه المصلحة لجيشك من هذه الأشياء فاحكم به، وإن قالوا: ننزل بما يحكم الله علينا - أي: بما يوحي على نبيه فينا - فلا تقبل هذا الشرط منهم؛ لأنك