المجاهدون إلا بإذنهم؛ يعني: مَن طاب قلبه بردِّ سبيهم إليهم بلا عوضٍ فليخبرنا، ومن أراد عوضًا عن سبيهم فليخبرنا حتى نعطيه عوضَ نصيبه من سبيهم "من مالٍ يُفيء الله"؛ أي: يرزقنا الله بعد هذا من فيء.
قوله:"إنا لا ندري من أذن منكم"؛ يعني: لا ندري من رضي منكم ممَّن لم يرض على التعيين، فليخبر كلُّ واحد عريف قومه ليخبرنا ذلك العريف، و (العريف): مَن يعرِّف الأميرَ حالَ قومه.
* * *
٣٠١٨ - عن عِمرانَ بن حُصَيْنٍ قال: كان ثَقِيفٌ حليفًا لبني عُقَيْلٍ، فأسَرَتْ ثَقيفٌ رجلينِ من أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأَسَرَ أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من بني عُقَيْلٍ، فأَوْثَقوهُ فطَرَحُوه في الحَرَّةِ، فمرَّ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَاهُ: يا مُحمدُ! يا محمدُ! فيمَ أُخِذْتُ؟ قال:"بجريرةِ حُلفائِكم ثَقيفٍ"، فتركَهُ ومضى، فنادَاهُ: يا محمدُ! يا محمدُ! فَرَحِمَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فرجَعَ فقال:"ما شأنُكَ؟ "، فقال: إنَّي مُسلِمٌ، فقال:"لو قُلْتَها وأنتَ تملِكُ أمرَكَ أفلحْتَ كلَّ الفَلَاحِ"، قال: فَفَداهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالرَّجُلَينِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْهُما ثقيفٌ.
قوله:"كان ثقيف حليفًا لبني عقيل"؛ يعني: جرى بين قبيلة ثقيف وبين بني عقيل محالفةٌ، فأخذ ثقيفٌ رجلين من أصحاب رسول الله، وأخذ أصحاب رسول الله رجلًا من بني عقيل عوضًا عن الرجلين الذين أخذهما ثقيف، وكان عادة العرب أن يأخذوا الحليف بجُرم حليفه، ففعل رسول الله هذا الصنيع على عادة العرب.
قوله:"بجريرة حلفائكم"، (الجريرة): الجُرم، و (الحلفاء): جمع حليف.