قوله:"لو قلتها"؛ أي: لو قلت كلمة الإِسلام في حال اختيارك؛ أي: قبل أن أُخذت "أفلحت"؛ أي: لنجوت من أن نأخذك، ومن عذاب يوم القيامة.
وهذا الحديث يدل على أن الكافر إذا قال بعد الأخذ: أنا مسلم، لا يُحكم بإسلامه حتى يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ لأن قوله:(أنا مسلم) يحتمل أن يريد به: إني منقادٌ مطيعٌ لحكمكم.
والدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم بإسلامه أنه ردَّه إلى الكفار وأخذ بدله الرجلين الذين أسرتْهما ثقيف من أصحابه، ولو كان مسلمًا لم يردَّه إلى الكفار.
* * *
مِنَ الحِسَان:
٣٠١٩ - عن عائشةَ قالت: لمَّا بعثَ أهلُ مكَّةَ في فداءِ أُسرَائِهم، بعثَتْ زينبُ في فداءَ أبي العاص بمالٍ، وبعثَتْ فيهِ بقِلادةٍ لها كانَتْ عندَ خديجةَ أدخلَتْها بها على أبي العاصِ، فلمّا رَآها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَقَّ لها رِقَّةً شديدةً، وقال:"إنْ رأيتُم أنْ تُطْلِقُوا لها أَسيرَها، وتردُّوا عليها الذي لها؟ "، فقالوا: نعم، وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أخذَ عليه أنْ يُخلَيَ سبيلَ زينبَ إليه، وبعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زيدَ بن حارثةَ ورَجُلًا من الأنصارِ فقال:"كُونَا ببطنِ يَأْجِجٍ حتى تَمُرَّ بِكُمَا زينبُ فَتَصْحَبَاها حتى تَأْتِيا بها".
قولها:"لما بعث أهل مكة في فداء أسرائهم" قصة هذا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا غلب يومَ بدرِ على كفار مكة قتل بعضهم وأسر بعضهم وطلب منهم الفداء، فأُرسل لكل أسيرٍ مَن له قريبٌ بفداءٍ يفتديه، فبعثت زينب بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي