للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَرَدَ، وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ، فدخَلَ المَسجدَ يَعْدو، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لقد رأَى هذا ذُعْرًا". فقالَ: قُتِلَ والله صاحِبي وإنِّي لَمقتولٌ. فجاءَ أبو بَصيرٍ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَيلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَربٍ لو كانَ لهُ أحدٌ". فلمَّا سمعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّهُ سيَرُدُّهُ إليهمْ، فخَرَجَ حتَّى أَتَى سِيْفَ البحرِ، قال: وتَفَلَّتَ أَبو جَنْدَلِ بن سُهيلٍ فلَحِقَ بأبى بَصيرٍ، فجعلَ لا يخرجُ من قُرَيشٍ رجلٌ قد أَسْلَمَ إلَّا لَحِقَ بأَبى بَصيرٍ، حتَّى اجتمعَتْ منهُمْ عِصابةٌ، فوالله ما يَسْمعونَ بعِيرٍ خَرَجَتْ لقُرَيْشٍ إلى الشّامِ إلَاّ اعترَضُوا لها، فقَتَلُوهم وأَخَذوا أموالَهم، فأرسلَتْ قُريشٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تُناشِدُهُ الله والرَّحِمَ لمَّا أرسلَ، فمنْ أتاهُ فهوَ آمِنٌ، فأرسلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليهم.

قوله: "بالثنية التي يُهبط عليهم منها"، (الثنية): الجبل الذي يكون عليه الطريق، (يُهبط)؛ أي: ينزل (عليهم)؛ أي: على قريش؛ أي: أهل مكة، (منها)؛ أي: من تلك الثنية.

"بركت به راحلته"؛ أي: استناخت؛ أي: اضطجعت به؛ أي: بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والباء للمصاحبة؛ أي: في الحال التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - على ظهرها.

"حَلْ" بفتح الحاء المهملة وكسر اللام وتنوينها: كلمةٌ يقولها الرجل ليقوم الجمل؛ أي: ليسير.

"خلأت القصواء"؛ أي: ساء خلقُ هذه الناقة وصارت حَرونًا؛ لأنها بركت ولا تسير.

"حبسها حابس الفيل"؛ أي: منعها من السير مَن منع فيلَ أصحاب الفيل وهو الله تعالى؛ يعني: إنما منع الله هذه الناقة عن السير كيلا تدخل مكة، وإنا لو دخلنا مكة لظهر بيننا وبين أهل مكة محاربةٌ، ويراق دماء في الحرم، وقد حرم الله إراقة الدماء في الحرم، فبروك القصواء إشارة إلى أن لا يدخل مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>