"فأدناهم": أي: أقربهم "منه"؛ أي: من إبليس "منزلةً"؛ أي: قربةً ودرجةً وعزةً، وهو منصوبٌ على التمييز.
يعني: يضع إبليس سريره على وجه ماء البحر، ويبعث الشياطين ويأمرهم بإضلال الناس وحَمْلِهم على المعاصي، فمَن كان منهم أشدَّ إضلالًا للناس فهو عند إبليس أعز وأكرم، ووضعُ العرش على الماء إشارة إلى العظمة والقدرة على الماء؛ يعني: يشير إلى أن لي القدرة على البحر والبر، فيذهب كل شيطان إلى أمرٍ من المعاصي، فيأمر أحدهم الناس بشرب الخمر، ويأمر أحدهم الناس بالسرقة، والآخر بالزنا، والآخر يُوقِع الخصومة والعداوة بين الزوج والزوجة حتى يطلِّقها، وكذلك جميع المعاصي.
"فيجيء" إليه أحدهم ويقول: أمرتُ الناس بشرب الخمر، فيقول له: ما فعلت شيئًا، يعني: أريد ذنبًا عظيمًا، وكذلك يجيء كلُّ واحد ويقول: أنا أمرت الناس بكذا وكذا من المعاصي، فيقول: ليس لهذا عندي قَدْرٌ، حتى يجيء أحدهم فيقول: أوقعت بين الزوج والزوجة الفتنةَ والخصومة والعداوة حتى طلَّقها.
"فيدنيه"؛ أي: يقرِّبه إبليس إلى نفسه "ويقول: نعم أنت" وما قصَّرتَ في أمري.
"قال الأعمش" وهو من أصحاب الحديث "أراه"؛ أي: أظن أن رسول الله عليه السلام قال: "فيلتزمه" ذلك الشيطان؛ أي: يعانقه ويعزِّزه من غاية حبه