التفريق بين الزوج والزوجة، وإنما يحبُّ التفريق بينهما لأن النكاح شيءٌ عقده الشرع، فيحب هو حَلَّ ما عقده الشرع وإزالتَه؛ لمخالفة الشرع، ولحبه الزنا وحصول أولاد الزنا.
* * *
٥٣ - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشَّيطانَ قد أَيِسَ من أنْ يعبُدَهُ المُصلُّونَ في جزيرةِ العَرَبِ، ولكنْ في التَّحريشِ بينهُم"، رواهما جابرٌ - رضي الله عنه -.
قوله:"المصلون"؛ أي: المسلمون.
"الجزيرة": اسم كلِّ أرضٍ حولها الماء، وهي فَعيلة بمعنى مفعولة؛ أي: أرض جزر عنها الماء؛ أي: ذهب ونقص حتى بقيت يابسةً بلا ماء، وسِّميت جزيرة العرب بهذا الاسم لأنها أرضٌ أكثر جوانبها البحر، وأضيفت إلى العرب لأنها مسكن العرب.
وقال أبو عبيدة: جزيرة العرب هي ما بين حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن في الطول، وفي العرض ما بين رمل تَبْرِين إلى منقطع السَّماوة، والسماوةُ اسمُ باديةِ في طريق الشام.
وقيل: ما وقع في جوانبه بحر نحو البصرة والدجلة والفرات وعُمان وعدن، وبحر الشام، والنيل، والعراق وبحرين، وجانب آخر منها متصلٌ بالبرية التي فيها الرمال بحيث لا تكون فيها عمارةٌ ولا يسكنها أحد.
قوله:"في التحريش بينهم"، (التحريش): الإغراء بين الناس أو الكلاب، يعني أَيِسَ إبليس من أن يرتدَّ أهل جزيرة العرب بعد الإسلام إلى الكفر، وليس له سبيل إلى ردهم إلى الكفر؛ لأن الإسلام قد ثبت في قلوبهم، ولكنْ أبدًا يوقع الفتنة والعداوة بينهم، ويأمرهم بالخصومة وقتل بعضهم بعضًا.