وآخره؛ يعني: فإذا قال ذلك فقد تدارك ما مضى عليه من التقصير بترك ذكرِ الله تعالى.
* * *
٣٢٣٦ - عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كالصَّائِمِ الصَّابرِ".
قوله:"الطَّاعم الشاكر كالصائم الصَّابر"، هذا تشبيه في أصل استحقاق كلِّ واحد منهما الأجرَ لا في القَدْر، وهذا كما يقال: زيد كعَمرو، ومعناه: زيد يشبه عمروًا في بعض الخصال، ومعلوم أنهما ليسا مُماثِلين في جميع الخصال، فلذلك لا يلزم أن يكون أجرُ الصائم مثلَ أجرِ الطاعم الشاكر، بل أجرُ الصائمِ أكثرُ.
* * *
٣٢٣٧ - عن أبي أيُّوبَ قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أكلَ وشربَ قال:"الحمدُ للَّه الذي أطعمَ وسقَى وسوَّغَهُ وجعلَ لهُ مَخْرجًا".
قوله:"الحمد لله الذي أَطْعم، وسَقَى، وسَوَّغه، وجعل له مَخْرجًا"، ذكر هنا أربعَ نِعَم؛ إحداها: قوله: (أطعم)؛ أي: رزق، والثانية:(سقى)، والثالثة:(سوغه)؛ أي: سهَّل دخولَ اللقمة والشَّرْبة في الحلق، فإنه خلق في الفم الأسنانَ ليَمْضَغ بها الطعام، وخلق ماء الفم ليلين به اللقمة، وخلق فيه اللسان ليدور فوق الطعام ليسهل مضغه، وجعل في الفم الذَّوق لتكمل النعم، ووسَّع الحلق بحيث يسهل فيه دخول الطعام والشراب.
النعمة الرابعة: قوله "وجعل له مخرجًا"؛ يعني: جعل الطعام - بالحكمة - في المعدة زمانًا لتنقسم منافعُه ومضارُّه فيبقى في الجسد ما يتعلق باللحم والقوة