(القِرى): الضيافة؛ أي: بقدر شبعه من مال المضيف، فمن كان مضطرًا إلى الطعام ونزل على أحد وجَبَتَ عليه ضيافةُ ذلك المضطر لحفظ رُوحه، وإن لم يُطْعِمه كان عاصيًا، ويجوز لذلك المضطر أن يأخذ قَدْرَ حاجته من مال المضيف سرًّا وعلانِيَة.
* * *
٣٢٧١ - عن أبي الأحُوَصِ الجُشَميِّ، عن أبيه قال: قلتُ يا رسُولَ الله! أرأيتَ إن مررتُ برجلٍ فلمْ يَقْرِني ولمْ يُضفْني؟ ثمّ مرَّ بي بعدَ ذلكَ أَقرِيه أمْ أجْزِيه؟ قال:"بلِ اقْره".
قوله:"أجزيه"؛ أي: أكافئه بما فَعَل بي؛ أي: أمنعُه الطعامَ كما منعَ الطعامَ منِّي.
* * *
٣٢٧٢ - عن أنسٍ - رضي الله عنه -، أو غيرِه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - استأْذَنَ على سعدِ بن عُبادَةَ فقال:"السَّلامُ عليكُمْ ورحمةُ الله وبركاتُهُ"، فقال سَعدٌ: وعليكُمُ السَّلامُ ورحمةُ الله وبركاتُهُ، ولم يُسمِعِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى سلَّمَ ثلاثًا وردَّ عليهِ سَعدٌ ثلاثًا ولمْ يُسمِعْهُ، فرجَعَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فاتَّبَعَهُ سَعدٌ فقال: يا رسُولَ الله! بأبي أنتَ وأُمِّي ما سلَّمْتَ تسليمَةً إلّا هيَ بأُذُني، ولقدْ ردَدْتُ عليكَ ولمْ أُسْمِعْكَ، أحببتُ أنْ أَسْتَكثِرَ من سلامِكَ ومنَ البَرَكَةِ. ثمَّ دخلُوا البيتَ فقرَّبَ لهُ زَبيبًا، فأكلَ منهُ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا فَرَغَ قال:"أكلَ طعامَكُمُ الأبرارُ وصلَّتْ عليكُمُ المَلائِكةُ، وأفطَرَ عِندَكُمُ الصائِمُون".
قوله:"أكل طعامكم الأبرار"، يجوز أن يكون هذا دعاء منه - عليه الصلاة والسلام - للمُضيف، ويجوز أن يكون إخبارًا عنه، وهذان الوصفانِ