موجودان في حقِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -, فإنَّه أبرُّ الأبرار، وأصحابُه الأبرار الأخيار، وأما إذا تلفَّظ غيرُه بهذه الألفاظ عند أكل طعام أحدٍ تكون هذه الألفاظ دعاءً منه للمُضيف، ولا يجوز أن يكون إخبارًا؛ لأنه لا يجوز لأحدٍ أن يخبر عن نفسه أنَّه بَرٌّ.
* * *
٣٢٧٣ - وعن أبي سعيدٍ - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"مثلُ المؤمنِ ومثلُ الإِيمانِ كمثلِ الفَرَسِ في آخِيَّتِهِ يجُولُ ثُمَّ يرجِعُ إلى آخِيَّتِهِ، فإن المؤمِنَ يَسْهُو ثمَّ يرجعُ إلى الإِيمانِ، فأطعِمُوا طعامَكُم الأتقياءَ وأَوْلُوا مَعروفَكُم المؤمنِينَ".
قوله:"مَثَلُ المؤمنِ ومَثَلُ الإيمان كَمَثلِ الفَرَيسِ في آخِيَّته"، (الآخية) - بتشديد الياء -: ما يُشَدُّ به الفرس وغيره مِنْ وَتَد وغيره، والمراد بالإيمان هنا: شعب الإيمان؛ كالصلاة والزكاة والصوم وغيرها؛ يعني: كما أن الفرس يبعُد عن آخِيَّته ثم يعود، فكذلك المؤمن قد يترك بعضَ شعب الإيمان ثم يتدارك ما فات عنه ويَنْدَم على ما فعل من التقصير، ولا تحكموا بكُفْرِ واحدٍ بأَنْ تركَ شيئًا من شعب الإيمان، ولا تتركوا إطعامَ طعامِكم إيَّاه، بل أطعموا طعامَكم المؤمنين والمتَّقين الشِّركَ، ولا تطعموا الكفارَ.
و"أولوا" أصله: أوليوا، فنُقلت ضمةُ الياء إلى اللام ثم أسكنت، ومعناه: أطعموا. (المعروف): الإحسان والعَطِيَّة.
* * *
٣٢٧٤ - عن عبدِ الله بن بُسْرٍ قال: كانَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَصْعةٌ يحمِلَها أربعةُ رجالٍ، يقال لها الغَرَّاءُ فلمَّا أضْحَوْا وسجَدُوا الضُّحَى أُتيَ بتلكَ القَصْعَةِ - يعني وقد ثُرِدَ فيها - فالتفُّوا عليها، فلمَّا كَثُروا جثَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال