ولا ينقص منه شيء، لأن الزيادة والنقصان من صفات المخلوقات، وهو تعالى منزَّه عن ذلك، فإذا علمت أنه تعالى يعلم الأشياءَ علمًا قديمًا فاعلَمْ أنه تعالى أَمرَ بكتابة ما كانَ وما هو كائنٌ إلى الأبد في اللوح المحفوظ "قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة"، ثم يُخلَق كلُّ شيءٍ ويُوجَد في الوقت الذي قَدَّر أن يُخلَق ذلك الشيءُ فيه من الجواهر والأعراض والأجسام والأفعال والأقوال.
قوله:"قال: وكان عرشه على الماء"؛ أي: قال الراوي: قال رسول الله عليه السلام: وكان عرشُ الله تعالى على وجه الماء في ذلك الوقت؛ يعني: كان العرشُ قبلَ أن يخلقَ السماواتِ والأرضَ فوقَ الماء، والماءُ على متن الريح.
* * *
٥٩ - وقال:"كُلُّ شيءٍ بقَدَرٍ، حتى العجْزُ والكَيْسُ"، رواه عبد الله بن عَمْرو.
قوله:"حتى العجز والكَيس"، (الكَيْس والكَيَاسة): كمال العقل، وشدة معرفة الرجل الأمور، وتمييز ما فيه النفع مما فيه الضر، و (العجز) ضده؛ يعني: مَن كان عاجزًا أو ضعيفًا في الجثة أو الرأي والتمييز أو ناقص الخلقة لا تعيبوه؛ فإن ذلك بتقديرِ الله تعالى وخلقِه تعالى إياه على هذه الصفة، ومَن كان كاملَ العقل بصيرًا بالأمور تامَّ الجثة، وهو أيضًا بتقديرِ الله وخلقِه تعالى إياه على هذه الصفة، وليس ذلك بقوته وقدرته؛ فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله، ويجوز:(حتى الكَيسِ والعجزِ) بالجر، و (حتى العجزُ والكَيسُ) بالرفع؛ فالجر على أن (حتى) بمعنى (إلى) التي لانتهاء الغاية؛ أي: حصول جميع الأشياء بقَدَر الله تعالى حتى ينتهي إلى العجزِ والكَيسِ، والرفع على أن (حتى) بمعنى الواو العاطفة؛ أي: كل شيء بقَدَر، والعجزُ والكَيسُ كذلك، ويجوز أن تكون (حتى) ها هنا هي التي