ومَن هو في كتابِ الله! فقالت: لقد قرأتُ ما بين اللَّوحَينِ، فما وجدتُ فيهِ ما تقولُ؟ قال: لئنْ كنتِ قرأتِهِ لقد وجدْتِه، أَمَا قرأتِ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟ قالت: بلى، قال: فإنه قد نَهَى عنه.
"المتنمِّصة": التي تطلب أن يُنمصَ شَعرُ وجهها؛ أي: يُنتَف.
"المتفلَّجة": التي تُرقِّق أسنانَها وتُزينها، ووجه النهي في هذه الأشياء: تغيير خلق الله.
قوله:"فجاءته": ضمير المذكر الغائب ضمير ابن مسعود.
"أنك لعنت كَيتَ وكَيتَ"؛ أي: سمعتُ أنك لعنتَ الواشماتِ والمُستوشِماتِ والمُتنمِّصاتِ والمُتفلِّجات، فقال ابن مسعود: كيف لا أَلعنُ مَن لعنَه رسولُ الله؟! أي: لعنَ رسولُ الله هؤلاء.
قولها:"لقد قرأتُ ما بين اللَّوحَين": أرادت بـ (اللَّوحَين): جلد أول المصحف وجلد آخره؛ يعني: قرأتُ جميعَ القرآن.
قوله:"قرأتِيه": الياء زائدة، حصلت من إشباع كسرة التاء، وكذلك في "وجدتِيه"(١).
قوله:"أما قرأتِ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟! " يعني: إذا كان العبادُ مأمورين بانتهاء ما نهاهم الرسول عنه، وقد نهاهم رسولُ الله عن الأشياء المذكورة في هذا الحديث وغيره من المَنهيات، فكأن جميعَ منهيات الرسول نهيٌ مذكورٌ في القرآن.
* * *
(١) جاء على هامش "ش": "الياء في وجدتيه وكذا قرأتيه لغة بعض العرب من إشباع الكسرة في مثله؛ دفعًا لتوهم أن الخطاب مع المذكر".