و"الاسترقاء": طلب الرُّقية، فهذا تصريحٌ بأن مَن أصابته عينٌ من الإنس أو الجن يُستحَبُّ أن يُرقَى عليه.
* * *
٣٥٠٣ - عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"العينُ حقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابقَ القَدَرَ سبقَتْهُ العينُ، فإذا استُغْسِلتُم فاغْسِلُوا".
قوله:"لو كان شيءٌ سابقَ القَدَرِ سبقتْه العينُ"؛ يعني: لو كان شيءٌ مهلكًا أو مُضرًّا بغير قضاء الله وقَدَره لكان الشيءُ هو العينَ، ولكن لم يكن شيءٌ نافعًا ولا مُضرًّا بغير قضاء الله وقَدَره، وإنما تلفَّظ رسول الله بهذا الحديث تعظيمًا لشأن تأثير العين، والمبالغة في أن يحفظ الناسُ أعينَهم من أن يصيبوا أحدًا بأعينهم، وإذا اتفق لأحدٍ أن يصيبَ شخصًا بعينه فَلْيقُلْ: بارَكَ الله عليك وبسمِ الله عليك، وَلْيَغسِلْ أعضاءَه له، كما يأتي كيفيته.
* * *
٣٥٠٥ - عن عُقْبةَ بن عامرٍ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُكْرِهُوا مَرْضاكُم على الطَّعامِ والشَّرابِ، فإنَّ الله يُطعِمُهم ويَسقيهم"، غريب.
قوله:"لا تُكرِهوا مَرْضَاكم على الطعام"؛ يعني: لا تُطعموا مرضاكم كرهًا إن لم يَطْعَموا عن طوعٍ ورغبةٍ، فإن إكراهَ المرضى على الطعام يضرُّهم ولا ينفعهم، ولا تقولوا: إنهم لو لم يَطْعَموا لَضعفُوا وزالتْ قوتُهم.
"فإن الله يُطعمهم ويَسقيهم"؛ يعني: فإن الله يرزقُهم صبرًا عن الطعام ويرزقُهم قوةً؛ فإن الصبرَ والقوةَ والحياةَ من الله، لا من الطعام والشراب، فإن الله قد يقوِّي الأجسادَ بواسطة الطعام والشراب، وقد يقوِّيها بلا واسطةِ طعامٍ وشرابٍ زمانًا مديدًا.