الطِّيَرة؛ يعني: نفوسُنا كانت كنفوس أهل الجاهلية في اعتقاد الطِّيَرةِ مثيرةً، ولكن لمَّا توكَّلنا على الله وقَبلْنا حديثَ رسوله واعتقدنا صدقَه أَذهَبَ الله عنا اعتقادَ أهل الجاهلية، وأقرَّ في قلوبنا السُّنَّةَ واتِّباعَ الحقِّ.
* * *
٣٥٤٥ - وعن جابرٍ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أخذَ بيدِ مَجذومٍ فوضعَها معَهُ في القَصْعَةِ وقال:"كُلْ ثِقَةً بالله وتَوَكُّلًا عليهِ".
قوله:"كُلْ ثقةً بالله"، (ثقة): منصوبة على الحال، والثقة: الاعتماد؛ يعني: كُلْ معي من قصعةٍ واحدةٍ؛ فإني توكَّلتُ على الله ألا يصيبني إلا ما قضى الله لي، وهذا درجةُ المتوكلين، فإن لم تحترز من المجذوم فهو متوكِّل، وإن احترزتَ فقد جاءت الرخصةُ فيه.
* * *
٣٥٤٦ - وعن سعدِ بن مالكٍ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا هامَةَ، ولا عَدْوَى، ولا طِيَرَة، وإنْ تَكُن الطِّيَرةُ في شيءٍ ففي الدَّارِ والفَرَسِ والمرأةِ".
قوله:"وإن تَكُنِ الطِّيَرةُ في شيءٍ ففي الدار والفَرَس والمرأة"، قيل: الطِّيَرةُ هنا بمعنى: الكراهية، لا بمعنى: التشاؤم؛ يعني: كراهيتكم شغلًا قصدتُمُوه بسبب رؤيةِ طيرٍ أو صيدٍ لا يجوز، ولكن يجوز في الدار والفَرَس والمرأة؛ يعني: إذا كرهتُم دارًا لضيق مكانها أو لسببٍ آخرَ فاتركوها، وكذلك إذا كرهتُم فَرَسًا أو امرأةً لسوء خلقها أو لسببٍ آخرَ فاتركوهما؛ يعني: كراهيةُ شيءٍ للحوقِ ضررٍ منه إلى صاحبه - لا للتشاؤم - جائزٌ، وأما للتشاؤم فلا يجوز.