الناس، فاختيارُ المحبوبِ على المبغوضِ من غاية كمال عقل الإنسان.
ورُوي عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قال لرجل: ما اسمُك؟ قال: جَمْرَة، قال: ابن مَن؟ قال: ابن شهاب، قال: ممَّن؟ قال: مِنَ الحُرَقة، قال؛ أين مسكنُك؟ قال: بحَرَّةِ النار، قال: بأيها؟ قال: بذات لَظًى، فقال عمر: أَدرِكْ أهلَك فقد احترقوا، فكان كما قال عمر.
* * *
٣٥٤٩ - عن أنسٍ قال: قال رجلٌ: يا رسولَ الله! إنَّا كنا في دارٍ كثيرٌ فيها عَدَدُنا وأموالُنا فتحوَّلنا إلى دارٍ قلَّ فيها عددُنا وأموالُنا؟ فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذَرُوها ذَمِيمَةً".
قوله:"إنَّا كنَّا في دارٍ كثيرٍ فيها عددُنا وأموالُنا ... " إلى آخره، هذا ليس من العدوى ولا من الطِّيَرة، بل من الطِّبِّ؛ فإن الماءَ الهواءَ والنباتَ مختلفةٌ، فبعضُها يُوافق الطباعَ وبعضُها يُخالفها، فالأرضُ الأولى كان هواؤُها وماؤُها ونباتُها موافقةً لهم، والأرضُ الثانيةُ التي انتقلوا إليها وقلَّ عددُهم وأموالُهم فيها كان هواؤُها وماؤُها ونباتُها مخالفةً لهم، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يتركوا الأرضَ التي لم يوافقهم هواؤُها وماؤُها ونباتُها.
قوله:"فتحوَّلنا"؛ أي: انتقلنا.
"ذَرُوها"؛ أي: اتركوها.
"ذميمةً": فعيلة بمعنى مفعولة، وهي منصوبة على الحال؛ أي: في حال كونها مذمومةً؛ يعني: اتركوها فإنها مذمومةٌ؛ لأن هواءَها غيرُ موافقٍ لكم.
* * *
٣٥٥٠ - ورُوِيَ عن فَرْوَةَ بن مُسَيْكٍ أنَّه قال: يا رسولَ الله! أرضٌ عندَنا