والنهار، والمعبرون يقولون: أصدقُ الرُّؤيا في وقت الربيع والخريف عند خروج الثمار وعند إدراكها، وهما وقتانِ يتقارب فيهما الزمانُ ويعتدل الليل والنهار.
قالوا: ورُؤيا الليل أقوى من رؤيا النهار، وأصدقُ الساعات الرُّؤيا وقتَ السَّحَر، رُوي عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، يرفعه، قال:"أصدقُ الرُّؤيا بالأسحار".
قول محمد بن سيرين:"الرُّؤيا ثلاثٌ" فيه بيانُ أن ليس كلُّ ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحًا ويجوز تعبيرُه، إنما الصحيحُ منها ما كان من الله - عز وجل -، يأتيك به مَلَك الرُّؤيا من نسخة أم الكتاب؛ يعني: اللوح المحفوظ، وما سوى ذلك أضغاثُ أحلامٍ لا تأويلَ لها، وهي على أنواع؛ قد يكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان أو يُريه ما يحزنه، وله مكائدُ يُحزن بها بني آدم كما أَخبرَ الله سبحانه وتعالى عنه:{إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}، ومِن لعبِ الشيطانِ به الاحتلامُ الذي يُوجب الغُسلَ، فلا يكون له تأويل.
وقد يكون ذلك من حديث النفس، كمَن يكون في أمرِ أو حرفةٍ يرى نفسَه في ذلك الأمر، والعاشقُ يرى معشوقَه ونحو ذلك، وقد يكون ذلك من مزاج الطبيعة، كمَن غلبَ عليه الدمُ يرى الفصدَ والحِجَامةَ والرُّعافَ والحُمرةَ والرياحينَ والمزاميرَ والنشاطَ ونحوها، ومَن غلبَ عليه الصفراءُ يرى النارَ والشمعَ والسِّراجَ والأشياءَ الصفراءَ والطيرانَ في الهواء ونحوها.
ومَن غلب عليه السوداء يرى الظلمةَ والسوادَ والأشياءَ السُّودَ والصيدَ والوحوشَ والأهوالَ والأمواتَ والقبورَ والمواضعَ الخربةَ، وكونَه في مضيقٍ لا مَنفذَ له أو تحتَ ثقلٍ ونحو ذلك.
ومَن غلب عليه البلغم يرى البياضَ والمياهَ والثلجَ والجمدَ والوحلَ ونحوها؛ فلا تأويلَ لشيءٍ منها.