وقال عبد الوهاب الثقفي: عن أيوب السَّخْتِياني، عن محمد بن سيرين: إن الرُّؤيا ثلاثةُ ... إلى آخره، من جملة الحديث، لا من قول محمد بن سيرين. وقال أيوب:
قوله: (أحبُّ القيدَ وأَكرهُ الغُلَّ، والقيدُ ثباتٌ في الدِّين" فلا أدري هو في الحديث أم قاله ابن سيرين، وجعلَه مَعمَر عن أيوب من قول أبي هريرة، فإذا عرفت هذا فاعرف أن قوله:(وقال: وكان يكره الغُل) الضمير في (قال) ضمير أيوب، والضمير في (كان) ضمير ابن سيرين، ويجوز أن يكون الضمير في (قال) ضمير ابن سيرين، وفي (كان) ضمير أبي هريرة.
وإنما يُكرَه الغُلُّ في النوم؛ لأن الغُلَّ تقييدُ العنق، وتقييدُ العنق وتثقيلُه يكون بحمل الدَّين أو المظالم، أو كونه محكومًا ورقيقًا ومتعلقًا بشيء.
* * *
٣٥٦٨ - وعَنْ أنسٍ - رضي الله عنه - قَال: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "رَأَيْتُ ذاتَ ليلَةٍ فِيْمَا يرَى النَّائمُ كأنَّا في دَارِ عُقبةَ بن رافِعٍ، فأُتِيْنا برُطَبٍ مِن رُطَبِ ابن طَابٍ، فأَوَّلتُ أنَّ الرِّفعةَ لنا في الدُّنيا، والعَاقِبةَ في الآخِرَةِ، وأَنَّ دينَنَا قَدْ طَابَ".
قوله: "كأنَّا في دار عقبة بن رافع"، الضمير في (كأنَّا) ضمير النبي ومَن معه مِن أصحابه، وتأويلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديثَ دستورٌ في قياس التعبير بغير ما يرى في المنام، كما أوَّلَ - صلى الله عليه وسلم - (عقبةَ) بأن العاقبةَ الحسنةَ لهم، وأوَّلَ (رافعًا) بأن الرِّفعةَ في الدنيا والآخرة لهم، وأوَّلَ (ابن طابٍ) - وهو نوعٌ من التمر - بأن دِينَهم قد طابَ؛ أي: كملَ وحسنَ.
* * *
٣٥٧٠ - وعَنْ أبي مُوسَى - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: "رأيتُ في المَنامِ أنِّي