كثيرٌ بين دعائهم وبين إتيانهم فقد بطلَ الإذنُ الأولُ، ويحتاج إلى استئذانٍ آخرَ، وإنما لا يحتاج إلى استئذانٍ آخرَ إذا جاء المَدعوُّ مع الداعي من غير تأخيرٍ؛ ليبقى حكمُ الإذن الأول.
* * *
مِنَ الحِسَانِ:
٣٦١٥ - قَالَ أَنَسٌ: أتَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على سَعْدِ بن عُبَادةَ فَقَال:"السَّلَامُ عَلَيْكُم ورحمَةُ الله"، فَقَال سَعْدٌ: وعَلَيْكُمُ السَّلامُ ورَحْمَةُ الله، ولَم يُسْمِع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، حتى سَلَّمَ ثَلَاثًا ورَدَّ عليه سَعْدٌ ثَلَاثًا، ولَمْ يُسْمِعْه، فَرَجَعَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فاتَّبعَهُ سعدٌ.
قوله:"أتى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على سعدِ بن عُبادةَ، فقال: السلامُ عليكم ورحمةُ الله": هذا الحديث تصريحٌ بأن الاستئذانَ لِيَكُنْ بالسلام؛ يعني: يقف على جانب من الباب بحيث لا يقع بصرُه على داخل البيت، ويُسلِّم؛ ليسمعَ أهلُ البيت تسليمَه ويَأذَنُوا له.
قوله:"ولم يُسمِعِ النبيَّ"، أسمع يُسمع، وهو يستمع، تقول: سمعتُ كلامَ زيدٍ، وأسمعتُ عمر كلامي وكلامَ زيدٍ؛ يعني: لم يَردَّ سعدٌ تسليمَ النبي بحيث يسمع النبيُّ صوتَ سعدٍ، بل ردَّ تسليمَه بصوتٍ خفيَّ؛ ليُسلِّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مرةً أخرى؛ ليصلَ إلى سعدٍ وإلى بيتِه وأهلِ بيته بركةُ تسليمِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما لم يَسمَعِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صوتَ سعدِ في رد السلام رجعَ النبيُّ، وتبعَه سعدٌ واعتذرَ إليه وقال: رددتُ عليك السلامَ في كل مرة، إلا أني لم أُسمِعْك صوتي؛ ليصلَ إلى بيتي بركةُ تسليمك.
* * *
٣٦١٦ - وعن كَلَدَة بن حَنْبَلٍ: أَنَّ صَفْوانَ بن أُميَّةَ بَعَثَ بِلَبن وجَدَايةٍ