قوله:"من باتَ على ظهر بيتٍ ليسَ عليه حِجًا فقد بَرِئَت منه الذِّمَّةُ"، رُوِيَ:(الحجا) بكسر الحاء وبفتحها، ومعناهما: الحِجَابُ، فالحِجا - بالكسر - هو العقلُ، سُمِّيَ الحجابُ حِجًا لأنه يمنَعُ الرجلَ عن الهلاك بسقوطه عن السَّطْح، كما أنَّ العَقْلَ يمنعُ الرجلَ عن الوقوع في الهلاك.
و (الحَجا) - بالفتح -: الناحية، سُمَّيَ حَجًا - بفتح الحاء - لأنه ضَرَبَ في ناحية؛ يعني: من نام على سطحٍ ليس له حِجَابٌ؛ أي: ليس على حَوْلهِ جدار (فقد بَرِئَتْ منه الذَّمَّة)؛ أي: فقد خالفَ أمرَنا؛ لأنه يُهلِكُ نفسَه بوقوعه عن السطح، ومن خالفَ أمرَنا وقعتْ بيننا وبينه الذَّمَّة؛ أي: لم يبقَ بيننا وبينه عهدٌ، وهذا تهديد، كراهيةَ اضطجاع الرجل في موضعٍ مَخُوف، والدخولِ في موضعٍ مخوفٍ مُهْلِك.
* * *
٣٦٦٠ - عَنْ جَابَرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رَسُوْلُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنَامَ الرَّجلُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمْحجُوْبٍ عَلَيْهِ.
قوله:"ليس بمحجورٍ عليه"، (الحَجْرُ): المنعُ؛ يعني: ليس حولَه جِدارٌ.
* * *
٣٦٦٣ - عَنْ جَابرِ بن سَمُرَة - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَسُوْلُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ جُلوْسٌ فقال:"مَا لِيْ أَرَاكُم عِزِيْنَ؟ ".
قوله:"ما لي أَرَاكم عِزِينَ": (عِزين): جمع عِزَة - بتخفيف الزاي - وهي الجماعة؛ يعني: لمَ جلستم متفرَّقين، وهلَاّ جلسْتُم متحلِّقين؛ يعني: اجلِسُوا في الحَلْقة أو في الصَّفَّ، وإنما أَمَرَهم بأن يجلسِوا بالحَلْقة والصفَّ كي لا يُدْبرَ بعضُهم بعضًا.