فإن العملَ الصالحَ لا يُغير قضاءَ الله تعالى، وكذا العمل القبيح.
قوله عليه السلام:"اعملوا؛ فكلُّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ": فالتنوين في (كلٌّ) يدل على المضاف إليه؛ أي: فكلُّ واحدٍ يجري عليه من الأفعال ما قُدِّرَ له من الخير والشر، كما أن الأرزاقَ تأتي عليهم بَقْدرِ ما قُدِّرَ لهم؛ يعني: أنتم عَبيدٌ، ولا بد لكم من العبودية، فلا تتركوا العبودية؛ فإن الله تعالى إذا رزقَكم الإسلامَ يرزقكم العملَ الصالحَ ويُيسِّره عليكم.
قوله:"فسيُيَسَّر"، السين: للاستقبال، (ويُيَسَّر): مضارع مجهول، من التيسير.
الشقاء والشقاوة: كلاهما بفتح الشين، والشَّقوة - بكسر الشين - كلها مصادر، ومعناها واحد، وهو ضد السعادة.
قوله:" {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} إلى آخر الآية"؛ قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: نَزلت هذه الآيةُ في أبي بكر الصدَّيق - رضي الله عنه -، وأمية بن خلف وأُبي بن خلف حين عذَّبَا بلالًا على إسلامه، فاشتراه منهما أبو بكر الصدَّيق - رضي الله عنه - ببُردٍ وعشرِ أواقٍ من ذهبٍ، فأعتقَه، و (الأواقي) جمع: أُوقية، وهي أربعون درهمًا.
" {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} "؛ أي: بكلمة الشهادة، وقيل: بالجنة: وقيل: بالثواب؛ يعني: أَيقَنَ أن الله تعالى سيعطيه ثوابَ عتقِ بلال، وما يعطي من الزكاة والصدقات.
" {فَسَنُيَسِّرُهُ} "؛ أي: فسوف نُسهِّل عليه " {لِلْيُسْرَى} "؛ أي: للعمل الصالح، وسوف نُوفَّقه للخيرات؛ يعني به: أبا بكر " {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ} " بالزكاة والصدقات والإعتاق ودخول الناس في الإسلام، " {وَاسْتَغْنَى} "؛ أي: علمَ نفسَه مستغنيًا عن