الله تعالى، حيث لم يَرغب في رحمة بالاشتغال بالخيرات، " {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} "؛ أي: كذَّب بكلمةِ الشهادةِ والنبيِّ والجنةِ والحسابِ " {فَسَنُيَسِّرُهُ} "؛ أي: فسوف نجري عليه " {لِلْعُسْرَى} "؛ أي: للكفر والشرك، ومراد النبي - عليه السلام - من إيراد هذه الآية في هذا الحديث: قولُ الله تعالى لأبي بكر: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}، ولأُبي بن خلف وأخيه:{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}.
فإن قيل: إذا أراد بقوله: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ} أُبي بن خلف وأخاه لِمَ لَمْ يقل: بَخِلَا؟
قلنا: وحَّد الضمير في (بخل) وما بعده للفظة (مَن)؛ لأن (مَن) لفظٌ يجوز إجراؤُه على الواحد والتثنية والجمع، ولفظه واحد.
روى هذا الحديثَ عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
* * *
٦٥ - وقال:"إنَّ الله - تعالى - كتبَ على ابن آدمَ حظَّهُ مِنَ الزِّنا، أدركَ ذلكَ لا محالةَ، فزِنا العين النَّظر، وزِنا اللِّسان المَنْطقُ، والنَّفسُ تتمنَّى وتشتَهي، والفَرْج يُصدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُه".
وفي روايةٍ:"الأُذُنَانِ زِناهُما الاستماعُ، واليدُ زِناها البَطْشُ، والرِّجلُ زِناها الخُطا"، رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -.
قوله:"كتبَ على ابن آدم"، هذا يحتمل أمَرين:
أحدهما: أن يكون معنى (كتب)؛ أي: أَثبتَ فيه الشهوةَ، وركَّب فيه الميلَ إلى النساء، وخلق فيه الأعضاءَ التي تجد لذةَ الزِّنا، كالعين والأذن وغير ذلك.
والأمر الثاني: أن يكون معناه: قَدَّرَ في الأزل أن يجريَ على ابن آدم الزِّنا،