فإذا قَدَّرَ عليه في الأزل "أدركَ ذلك لا محالة"؛ يعني: يصل إليه ما قُدِّرَ له.
واعلم أن هذا الحكم ليس لجميع بني آدم؛ فإن مِن الناس مَن هو معصومٌ من الزِّنا ومقدمات الزِّنا، كالأنبياء عليهم السلام، وقد يكون غيرُ الأنبياء مَن لم يجرِ عليه الزِّنا أصلًا، فإذا كان كذلك فالمراد بقوله:(على ابن آدم): بعضهم؛ يعني: لم يكن جميعُ بني آدم معصومين من الزِّنا، بل يجري على بعضهم ذلك.
قوله:"فزِنا العين النظرُ"؛ يعني: مَن نَظَرَ إلى امرأةٍ أجنبيةٍ بالشهوة كُتِبَ عليه ذلك النظرُ بالزنا، فإن وقع نظرُه على امرأةٍ بغيرِ قصدٍ منه وحفظَ بصرَه بعد ذلك، ولم ينظر إليها مرةً أخرى لم يكن عليه إثمٌ بذلك النظر؛ لأنه لم يكن باختياره، وإن أدامَ النظرَ إليها يَأثَمُ، وكذلك إنْ سمعَ ذِكرَ امرأةٍ بغير اختياره وفرَّ منه ولم يستمع بعد ذلك لم يَأثَمْ، وإن تعمَّد الاستماعَ والإصغاءَ إلى ذلك الكلام يَأثَمُ، وكذلك إن تكلَّم بذِكرِ امرأةٍ أجنبيةٍ أو أخذَها بيده أو مشَى إليها يكون كلُّ ذلك زِنا.
قوله:"والنفسُ تتمنَّى وتشتهي"؛ يعني: زنا النفسِ الميلُ والاشتهاءُ إلى ما رأتْه العينُ وتكلَّم به اللسانُ.
قوله:"والفَرْجُ يصدِّق ذلك أو يكذِّبه": ذلك إشارةٌ إلى ما تشتهيه النفس ورأتْه العَين وتكلَّم به اللسان؛ يعني: إن رآها بالعين؛ واشتهتْها النفس، وتكلَّم بذكرها اللسان؛ وعمل بها فعلًا بالفَرْج؛ فقد صار الفَرْجُ مُصدِّقًا لتلك الأعضاء، وصار الزِّنا الصغيرُ كبيرًا، وإن لم يعمل شيئًا بالفَرْج فقد كذَّب الفرجُ تلك الأعضاءَ، ولم يَعُدِ الزِّنا الصغيرُ كبيرًا، بل هو صغيرٌ، ويرتفع بالاستغفار والوضوء والصلاة.
"البطش": الأخذ.
"الخُطَى" جمع: خطوة، وهي ما بين القَدَمَين.
قوله:"والرِّجل زناها الخُطَى"؛ أي: المشي إلى ما فيه الزِّنا.