قوله:"إذا رأيتم المَدَّاحِين فاحثُوا في وجوههم الترابَ"، (الحَثْوُ) في التراب بمنزلة الصَّبَّ في الماء؛ يعني: إذا رأيتم مَن يمدحُكم اجعلوهم محرومين عن العطاء، وامنعُوهم عن المدح، فإن مَن مَدَحَ أحدًا فهو عَدُوُّه؛ لأنه يجعلُه مغرورًا متكبرًا، ومن جعلَ أحدًا مغرورًا متكبرًا فلا يستحقُّ الإعزاز.
وقيل: معنى هذا الحديث الأمرُ بدفع المالِ إليهم؛ يعني: المالُ حقيرٌ كالتراب، فاقطَعُوا به ألسنةَ المَدَّاحين كي لا يهْجُوكم ويذمُّوكم إن لم تُعْطُوهم.
روى هذا الحديثَ مقدادُ بن الأسود.
* * *
٣٧٥٦ - وعَنْ أَبي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَال: أَثْنى رَجُلٌ على رَجُلٍ عِنْدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال:"وَيْلَكَ! قَطَعْتَ عُنُقَ أَخِيْكَ - ثَلاثًا - مَن كَانَ مِنْكُم مَادِحًا لا مَحالَةَ فليَقُلْ: أَحْسِبُ فُلانًا والله حَسِيْبُه، إِنْ كَانَ يَرَى أنَّه كَذَلِكَ، ولَا يُزَكِّي على الله أَحَدًا".
قوله:"أحسبُ فلانًا"؛ يعني: لا يقلْ جَزْمًا: إنَّ فلانًا رجلٌ صالح، بل ليقلْ: أحسَبُه؛ أي: أظنُّه صالحًا، وإنما نهاهم عن أن يمدَحُوا أحدًا كيلا يغترَّ الممدوحُ فيصيرَ متكبرًا، وحينئذٍ يرى نفسَه أفضلَ من غيره، والله تعالى يغضَبُ على مَن هذه صفتُه.
قوله:"والله حسيبُه"؛ أي: محاسِبُه؛ أي: حسابُ كلَّ شخصٍ إلى الله تعالى يعلمُ كونَه صالحًا أو غيرَه، فإذا كان الله عالمًا بجميعِ الأشياء، فلا يحتاجُ إلى أن يُزَكِّيَ عندَه أحدٌ أحدًا.
* * *
٣٧٥٧ - عن أَبي هُريْرَةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَتَدْرُوْنَ مَا