و"شر الناس"؛ من تواضعَ إليه الناسُ من خوفِ لسانهِ لا لصلاحِه، وهذا الحديث رخصةٌ منه - صلى الله عليه وسلم - في التواضُعِ إلى أحدِ لدفع ضَرَرِه عن نفسِه.
* * *
٣٧٥٩ - عَنْ أبي هُريْرَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَى إلَّا المُجاهِرِينَ، فإنَّ مِن المُجَاهَرةِ: أنْ يَعمَلَ الرَّجُلُ باللَّيلِ عَمَلاً ثُمَّ يُصبحُ وقد سَتَرَهُ الله فَيَقُولَ: يَا فُلانُ! عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذا وكَذا، وقد بَاتَ يسْترُه رَبُّه، ويُصبحُ يكشِفُ سِتْرَ الله عَنْهُ".
قوله:"كلُّ أمتي معافًى إلا المجاهِرُون"، (معافًى) يشتركُ فيه المصدَرُ والزَّمان والمكانُ، مِن (عافَى): إذا أعطى الله أحدًا العافية، والعافيةُ: السلامةُ من المكروه.
و (معافَىَ) هنا منصوبٌ على أنه مفعولٌ مطلق، وتقديرُه: كل أمتي عوفوا مُعَافًى؛ أي: رُزِقُوا العافية، (إلا المجاهرون)؛ يعني: الذين يُعْلِنُون الذنوبَ ويُظْهِرونها بين الناس. مَن أسرَّ ذنبَه سَلِمَ من ألسنة الناس وأيديهم، لا يعلمون حالَه حتى يغتابوه أو يقيموا عليه الحدود فلما أظهرَ ذنبَه وقعَ في ألسنة الناس وأيديهم.
قوله:"وإنَّ مِن المَجَانَةِ"، (المجانة): مثلُ المُجُون، وهو عَدَمُ المبالاة بالقول والفِعْل؛ يعني: من أظهرَ ذنبَه بين الناسِ فهو الذي لا يبالي بأن يغتابَه الناسُ ويذمُّوه وينسِبُوه إلى الفاحشة، وهذا غير مَرْضيٍّ عند الله وعند الناس.
* * *
مِنَ الحِسَان:
٣٧٦٠ - قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تَرَكَ الكَذِبَ وهُوَ بَاطِلٌ بنيَ لَهُ في رَبَضِ