الجَنّةِ، ومَن تَرَكَ المِراءَ وهُوَ مُحِقٌّ بنيَ لَهُ في وَسَطِ الجنَّةِ، ومَن حَسَّنَ خُلُقَه بنيَ لَهُ في أَعْلَاهَا".
قوله: "من تركَ الكذبَ وهو باطلٌ"، الواو في (وهو) للحال؛ يعني: من تركَ الكذبَ في حال كونهِ باطلًا يستحقُّ الأجرَ وإن لم يكنِ الكذبُ كما ذكر في الإصلاح بينَ الخَصْمَين، فالإتيانُ بمثلِ ذلك الكذبِ يوجبُ الأَجْرَ، فلا يُستَحبُّ تركُه.
"رَبَض الجنة"، - بفتح الباء -: حوالَيها من داخِلها لا مِن خارجها.
"ومن تركَ المِرَاءَ وهو مُحِقٌّ", (المِرَاءُ): المجادلة، و (المُحِقُّ): الصادقُ والمتكلِّمُ بالحق؛ يعني: من ترك المجادلةَ مع أنَّ ما يقولُه حَقٌّ فقد استحقَّ أن يَسْكُنَ في وَسَطِ الجَنَّة؛ يعني: إذا تكلمتَ بكلامٍ فتكلَّمْ به عن اللُّطْفِ والرِّفْقِ لا عن العنف والمجادلة.
روى هذا الحديثَ أنس.
* * *
٣٧٦١ - وقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَدْرُوْنَ مَا أكثرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ؟ تَقْوَى الله وحُسنُ الخُلُقِ، أَتَدْرُوْنَ مَا أكثرُ مَا يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ الأَجْوَفانِ: الفَمُ والفَرْجُ".
قوله: "الأَجْوفان"؛ يعني: الفَمُ والفَرْجُ يُوْقِعان الناسَ في الإِثْم؛ لأن الرجلَ ربما لا يَقْنَعُ بقليلٍ من الحلال، ويطلُبُ الكثيرَ من الحرام، وكذلك الفَرْجُ ربما يستعمِلُه الرجلُ في الحَرَام، فيدخلُ بسببه النار.