{وَمَا سَوَّاهَا}؛ أي: ومَن خلقَها؛ يعني به ذاته تعالى، {سَوَّاهَا}؛ أي: خلقَها على أحسن صورة، وزيَّنها بالعقل والتمييز.
" {فَأَلْهَمَهَا} "؛ أي: فأعلَمَها وركَّب فيها " {فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} "؛ أي: المعصيةَ والطاعةَ، وقيل: الشقاوةَ والسعادةَ، ووجه استدلال النبي - عليه السلام - بهذه الآية: أنه تعالى ذكر {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} بلفظ الماضي، فيدلُّ هذا على أن التقديرَ جرى في الأزل.
وكنية "عمران بن الحصين": أبو نُجَيد، واسم جدِّه: عبيد بن الخلف الخُزَاعي.
* * *
٦٧ - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا هريرةَ! جَفَّ القلمُ بما أنتَ لاقٍ، فاختَصِ على ذلكَ أو ذَرْ".
قوله:"جَفَّ القلمُ"، جَفَّ - بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر - جُفُوفًا وجَفَافًا: إذا يبسَ، وجفوف القلم: عبارةٌ عن الفراغ من الكتابة؛ لأن الكاتبَ ما دام يكتبُ يكون قلمُه رطبًا بالمِدَاد، وإذا ترك الكتابةَ يجفُّ قلمُه، وهنا المراد بقوله:(جف القلم): أن ما كان وما يكون قُدِّرَ وقُضِيَ في الأزل.
قوله:"بما أنتَ لاقٍ"؛ أي:(جفَّ القلمُ) بعد كتابته (ما أنتَ لاقٍ)؛ أي: ما أنتَ تفعلُه وتقولُه ويجري عليك، (لاقٍ): اسم فاعل، من:(لَقِيَ) إذا رأى ووصل إلى الشيء.
قوله:"فاختَصِ": هذا اللفظ جاء في جميع الروايات على لفظ: (فاختَصِ) بصاد مكسورة من غير راء بعدها، وهو أمر مخاطب؛ أي: مِن اختَصَى: إذا جعل نفسه خَصِيًّا، وهو أن يقطع خصيتَهَ وذكره أو خصيتهَ دون ذَكَرِه.