للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي بعض نسخ "المصابيح": "فاختَصِرْ" بالراء بعد الصاد، ولعل هذا سهوٌ من النسَّاخين.

وسببُ صدورِ هذا الحديث من رسول الله عليه السلام: ما رواه الزُّهري، عن أبي سلمة: أن أبا هريرة قال: أتيتُ رسولَ الله عليه السلام فقلت: يا رسولَ الله! إني رجلٌ شابٌّ، وإني أخافُ العَنَتَ، ولستُ أجدُ طَولًا أتزوجُ به النساءَ، فَأْذَنْ لي أن أختصيَ، قال: فقال رسول الله عليه السلام: "يا أبا هريرة! جفَّ القلمُ بما أنت لاقٍ؛ فاختصِ على ذلك أو دَعْ"، (العَنَت): الزنا.

قوله: "فاختَصِ على ذلك أو ذَرْ"، وفي رواية: "أو دَعْ"، ومعناهما: اتركْ؛ يعني: إذا علمتَ أن جميعَ الكائنات مقدَّرةٌ في الأزل، ولا تكون بخلاف ما قُدِّرَ فلا فائدةَ في الاختصاء؛ فإنه لو قُضِي عليك العَنَتُ لا تَقدِرُ على دفعه بالاختصاء، فإذا لم يكن الاختصاءُ دافعًا عنك ما قُدِّرَ لك فلا فائدةَ فيه، فإن شئتَ فاختصِ، وإن شئتَ فاتركِ الاختصاءَ.

(فاختص): ليس ذلك إذنًا منه - عليه السلام - لأبي هريرة في الاختصاء؛ بل قال ذلك على وجه اللوم والتوبيخ على قطع عضو عن نفسه من غير فائدة، وهذأ كقوله تعالى: " {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} "؛ يُسمَّى هذا الأمرُ: تهديدًا ووعيدًا.

* * *

٦٨ - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ قُلوبَ بني آدمَ كلَّهَا بينَ إصبعينِ من أصابعِ الرَّحمنِ، كقلْبٍ واحدٍ يُصرِّفُه كيفَ يشاءُ"، ثمّ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ! مُصَرِّفَ القُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبنا على طاعَتِكَ"، رواهُ عبد الله بن عمرو.

قوله: "بين إصبعَين من أصابع الرحمن": اعلم أن ما جاء من صفات الله تعالى مما يشبه صفات المخلوقات في الظاهر كالأصبع واليد وغير ذلك اختلف

<<  <  ج: ص:  >  >>