قوله:"يُصرِّفه كيف يشاء"، الضمير في (يصرفه) راجع إلى (كقلبٍ واحدٍ).
قوله:"اللهم" كان أصله: يا الله! فحُذفت (يا) من أوله وأُدخلت ميمٌ مشدودةٌ في آخره عوضًا عن المحذوف.
"مُصرِّف القلوب" بنصب الفاء: صفة (اللهم) عند المبرد والأخفش، وهو منادى بـ (يا) عند سيبويه، وقد حُذف منه حرف النداء، وهو منصوب في كلا القولَين، و (اللهم): منادى مفرد، وصفة المنادى المفرد إذا كانت مضافةً تُنصَبُ، وإذا كانت مفردةً يجوز فيها الرفعُ والنصبُ، نحو:(يا زيدُ الظريف) برفع الفاء ونصبها، وإنما قال رسول الله عليه السلام:(اللهم مُصرِّفَ القلوب) لتعليم الأمَّة التعوُّذَ بالله تعالى في جميع أحوالهم، من تحوُّلِ النعمة إلى النقمة، ومن الإيمان إلى الكفر، ومن الطاعة إلى العصيان؛ يعني: اطلبوا من الله تعالى التوفيقَ للإيمان والطاعة، والثباتَ والدوامَ على الخيرات، ولا تَأمَنُوا من مكر الله تعالى؛ أي: من عذابه وغضبه.
* * *
٦٩ - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِنْ مَولودٍ إلَاّ يُولَدُ على الفِطرَةِ، فأبَواهُ يُهَوِّدانِهِ، أو يُنصِّرانِهِ أو يُمَجَّسانِه، كما تُنْتَجُ البَهيمَةُ بَهيمةً جَمْعاءَ, هل تُحِسُّونَ فيها مِنْ جَدْعاءَ حتَّى تكونُوا أنتمْ تَجدعونَها؟ "، ثم يقول:" {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} ".
قوله:"يُولَد على الفِطرة"، (الفِطرة): ذُكر في معناها أقوالٌ من القَدَرية والجَبْرية وغيرهما، ونحن نذكر ما هو المختار عند أهل السُّنة: وهو استعدادُ قَبولِ الإيمان الذي خلقه الله تعالى في الإنسان من العقل، والتمييزُ بين الحق والباطل والخير والشر بواسطة الشريعة.