٣٩٨١ - عن حُذَيفة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تكونوا إمَّعةً؛ تقولونَ: إنْ أحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وإنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنا, ولكنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكم: إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أنْ تُحْسِنُوا، وإنْ أساؤُوا فلا تَظْلِموا".
قوله:"لا تكونوا إمعة"، (الإمعة) في اللغة: هو الذي يقول لكل أحد: أنا معك، والمراد به ها هنا: أن الذي يقول: أنا أكون مع الناس كما يكونون معي، فإن أحسنوا إليَّ أحسنت إليهم، وإن أساؤوا أسأت إليهم، جاء النهي عن هذا الفعل، بل قال - صلى الله عليه وسلم -: "أحسن إلى مَن أساء إليك".
"وطِّنوا": هذا أمرُ مخاطبٍ من التوطين، وهو العزم الجازم على الفعل.
* * *
٣٩٨٢ - كتبَ مُعاوِيةُ إلى عائِشَةَ رضي الله عنها: أنْ اكُتُبي إليَّ كتابًا تُوصِيني فيهِ ولا تُكْثِري، فكتَبَتْ: سلامٌ عليكَ، أمَّا بعدُ: فإنَّي سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:"مَن التَمَسَ رِضا الله بسَخَطِ النَّاسِ كفاهُ الله مَؤُونَةَ النَّاسِ، ومَن التَمَسَ رِضا النَّاسِ بسَخَطِ الله وَكَلَهُ الله إلى النَّاسِ، والسَّلامُ عليكَ".
قوله:"من التمس رضا الله بسخط الناس"؛ يعني بهذا الحديث: أن الرجل إذا عَرَضَ له أمر في فِعْلِه رِضَى الله عنه وغضبُ الناس، أو يكون في فعله رضى الناس وغضبُ الله، فإنْ فعل ما فيه رضى الله وغضبُ الناس؛ - رضي الله عنه - ودفع عنه شر الناس، وإن فعل ما فيه رضى الناسِ وغضبُ الله وَكَلَه الله إلى الناس؛ يعني: سلَّط الله الناس عليه حتى يؤذوه ويظلموا عليه أو يهلكوه (١)، ولم يدفع عنه شرَّهم.