وفي رِوايةٍ:"يُعمَلُ فيهم بالمَعاصي، هُمْ أَكْثَرُ ممَّن يَعْمَلُه ... ".
قوله:" {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} "؛ يعني: الْزَموا حفظَ أنفسكم عن المعاصي، فإذا حفظتم أنفسكم لا يضرُّكم معاصي غيركم، وإنما لا يضرُّ الرجلَ معاصي غيره إذا عجز عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
قوله:"هم أكثر ممن يعمله"؛ يعني: إذا كان الذي لا يعمل المعاصي أكثر من الذين يعملونها, ولم (١) يمنعوهم عن المعاصي، نزل على الجميع عذاب.
* * *
٣٩٨٩ - عن جريرِ بن عبدِ الله البَجَلي، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما مِن قومٍ يكونُ بينَ أظهرِهم رجلٌ يعملُ بالمعاصي، هم أَمْنَعُ منهُ وأَعَزُّ، لا يُغَيرُونَ عليهِ = إلا أصابَهم الله بعقابٍ".
قوله:"أمنع"؛ أي: أقوى، ومثله:"أعز".
* * *
٣٩٩٠ - وعن أبي ثَعْلَبَةَ: في قولِهِ تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، فقال: أَمَا والله، لقد سَأَلْتُ عنها رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"بل ائتَمِروا بالمَعْروفِ، وتَناهَوْا عن المُنْكَرِ، حتى إذا رأيتَ شُحًّا مُطاعًا، وهوًى مُتَّبعًا، ودُنيا مؤثَرَةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برَأْيهِ، ورأيتَ أَمْرًا لا بُدَّ لكَ منهُ فعليكَ نفسَكَ، ودَعْ أَمْرَ العَوَامِّ، فإنَّ وراءَكُم أيامَ الصَّبرِ، فمَن صَبَرَ فيهنَّ كانَ كمَن قَبَضَ على الجَمْرِ، للعاملِ فيهنَّ أَجْرُ خَمسينَ رَجُلاً يعمَلونَ مثلَ عَمَلِهِ"، قالوا: يا رسولَ الله! أجرُ خَمْسينَ منهم؟ قال:"أَجْرُ خَمْسينَ منكُم".