وإنَّ مِمَّا يُنبتُ الرَّبيعُ يَقتُلُ حَبَطًا أو يُلِمُّ، إلَّا آكِلَةَ الخضراءِ، أَكَلَتْ حتى إذا امتَدَّتْ خاصِرَتَاهَا استقبَلَتْ عينَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وبَالَتْ، ثم عادَت فأَكَلَتْ، وإنَّ هذا المالَ خَضرَةٌ حُلْوَةٌ، فمَن أخذَهُ بحَقِّه ووَضَعَهُ في حَقِّه فنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، ومَن أخذَهُ بغيرِ حقَّهِ كانَ كالذي يأكُلُ ولا يَشْبَعُ، ويكونُ شهيدًا عليهِ يومَ القيامةِ".
قوله: "ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا"، (الزهرة): ما نستلذُّه ونستمتع به؛ يعني: أخاف إذا كثرت أموالكم أن تشتغلوا بالأموال وتتكبروا، وتقلَّ أعمالكم الصالحة.
"أو يأتي الخير بالشر؟ " الباء للتعدية؛ يعني: حصول الغنيمة لنا خيرٌ، وهل يكون ذلك الخير سببًا للشر وترك الطاعات؟.
"الرُّحَضاء": العرق الذي يظهر للنبي عند نزول الوحي عليه.
"وإن مما يُنبت الربيعُ ما يَقتل أو يُلِمُّ"، (ألمَّ): إذا نزل، وألمَّ أيضًا: إذا قارب شيئًا؛ يعني: مثال كثرة المال كمثال ما ينبت في فصل الربيع، فإن بعض النبات حلوٌ في فم الدابة، وهي حريصةٌ على أكله، ولكن ربما تأكل كثيرًا فيحصل بها داءٌ من كثرة الأكل، فتموت من ذلك الداء، أو تقرب من الموت، وإن لم تأكل الدابة إلا بقَدْرِ ما يطيقه كرشُها، فتأكل، وتترك الأكل حتى تهضم ما أكلت، وحتى تبول وتروث روثًا، ويحصل لها خفةٌ من خروج الروث والبول منها، فلا يضرها الأكل.
فكذلك مَن حصل له مال كثير، فإن حرص على المال، ويُكثر الأكل والشرب والتجمُّل، فيقسو قلبه، وتتكبر نفسه، ويرى نفسه أفضل من غيره، ويحتقر الناس ويؤذيهم، ولا يُخرج حقوق المال من الزكاة وأداء الكفارات والنذور، وإطعام السائلين والأضياف، وحقوق الجار.