فمَن كانت هذه صفته لا شك أن المال شرٌّ له، ويبعده من الجنة، ويقرَّبه من النار، ومَن أدى حقوق المال، ولا يحتقر الناس، ولا يفخر عليهم، ولا يشتغل بجمع المال بحيث تفوت عنه طاعةٌ، ويُحسن إلى الناس، فمالُه خيرٌ له، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "نعم المال الصالح للرجل الصالح".
فإذا عرفت هذا؛ فقد عرفت أن الخير والشر لا يحصلان للرجل من عين المال، بل نفسُ الرجل هي التي تصرف المال فيما فيه خير له، أو فيما فيه شرٌّ له.
قوله:"فثَلَطت"؛ أي: أخرجت الروث عنها حتى تجد خفةً في بطنها، ثم تعود بعد الخفة إلى الرعي.
* * *
*
٤٠٠٥ - وقال:"والله لا الفَقْرَ أَخْشَى عليكُم، ولكِنْ أَخْشَى عليكُم أنْ تُبْسَطَ عليكُم الدُّنيَا كما بُسِطَتْ على مَن قَبْلَكم، فَتَنَافسُوها كما تَنَافَسُوها، وتُهلِكَكُم كما أهلَكَتْهُم".
قوله:"فتنافسوها"؛ أي: فتختاروها وترغبوا فيها، ويَكثر اشتغالكم في جمعها، وتقل طاعتكم، ويحصل بينكم العداوة بسبب المال، فيقتل بعضكم بعضًا وتقعوا في المعاصي.