قد عُلم بهذا الحديث أن القوت لا بد منه، والأقل منه مذمومٌ عند بعض الناس، والأكثر منه أيضًا مذمومٌ عند بعض الناس.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن ما هو الأصلح للعوامِّ والخواصِّ، فهذا الحديث حديثٌ يدخل فيه جميع الناس؛ لأن القوت عبارةٌ عما يحتاج إليه الرجل لسد القوت بحيث لا إسراف ولا إقتار؛ أي: لا ضرر فيه، والناس يختلفون في القوت، فبعضهم اعتاد في الأكل في كل عشرة أيام يومًا، ومنهم من اعتاد فوق ذلك، فإذا بلغ الرجل الوقت الذي كان يعتاد فيه الأكل، وعلم أنه لو لم يأكل فيه للحقه ضرر، فقوتُه ما يدفع عن نفسه الضرر في ذلك الوقت، فإن طلب ذلك الشخص أكثر ممَّا كان يعتاد من القوت؛ لكان طلبه أكثر من المعتاد إسرافًا في حقه، ولم يكن إسرافًا في حق مَن لم يكن بتلك المنزلة من التوكُّل وذَوْقِ الطاعة.
وكذلك الناس يختلفون في كثرة العيال وقلَّتها، فقوتُ كلِّ أحدٍ يتعلق بقَدْرِ عياله.
فالمحمود من المال ما يحصل للرجل به القوةُ على الطاعة، ولا يمنعه الاشتغالُ به من الطاعة، ولا يمنعه الجوع أيضًا من الطاعة.
روى هذا الحديث أبو هريرة.
* * *
٤٠٠٧ - وقال:"قد أَفْلَحَ مَن أَسْلَمَ، ورُزِقَ كَفَافًا، وقنَّعَهُ الله بما آتاهُ".
قوله:"قنعه"؛ أي: جعله الله قانعًا ولم يطلب الزيادة.