العَبْدُ المُؤْمِنُ قالَ لهُ القَبْرُ: مَرْحبًا وأهلًا، أمَا إنْ كنتَ لأَحَبَّ مَنْ يَمْشِي على ظَهري إليَّ، فإذْ وُلِّيتُكَ اليَوْمَ وصِرْتَ إليَّ فَسَترَى صَنيعي بكَ"، قال: "فيتَّسعُ لهُ مَدَّ بَصَرِه، ويُفتَحُ لهُ بابٌ إلى الجَنَّةِ، وإذا دُفِنَ العَبْدُ الفاجِرُ أو الكافِرُ قالَ لهُ القَبْرُ: لا مَرحَبًا ولا أهلًا، أمَا إنْ كنتَ لأَبغَضُ مَنْ يَمشي على ظَهري إليَّ، فإذْ وُلِّيتُكَ اليومَ وصِرْتَ إليَّ فَسَترَى صَنيعي بكَ، قال: فيَلْتَئِمُ عليهِ حتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ"، قالَ: وقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بأصابعِهِ، فأَدْخَلَ بعضَها في جَوْفِ بعضٍ، قال: "ويُقيَّضُ لهُ سَبعونَ تِنِّينًا، لوْ أنَّ واحِدًا منها نَفَخَ في الأَرْضِ ما أنبتَتْ شَيئًا ما بَقيتِ الدُّنْيا، فيَنْهَشْنَهُ ويَخْدِشْنَهُ حتى يُفْضَى بهِ إلى الحسابِ".
قال: وقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما القبرُ رَوْضةٌ منْ رِياضِ الجنَّةِ، أوْ حُفْرَةٌ منْ حُفَرِ النَّارِ".
قوله: "يَكْتَشِرون"؛ أي: يتبسَّمون.
"لو أكثرتُمْ ذكرَ هادِمِ اللذَّات لشغلَكُم"؛ أي لمنعكم "عمَّا أرى"، يعني: عما أرى "الموت"، (الموت): تفسيرٌ لـ (هادم اللذات)، أو مفعول فعل محذوف، تقديره: أعني: الموت، (لشغلكم)؛ أي: لمنعكم، (عما أرى)؛ يعني: عما أرى منكم من التبسم والضحك.
"أما"؛ أي: أعلم.
"وُلِّيْتُكَ"، (وَلِيَ): إذا قرب وصار حاكمًا على أحد؛ يعني: إذا وصلت إليَّ، وصرتُ حاكمًا وقادرًا عليك، وصرتَ مقهورًا تحت أمري ولم يبقَ لك قوة وقدرة.
"فسترى صَنيعي بكَ"؛ أي: سوف ترى فعلي بك؛ يعني: أُحْسِنُ إليك.
"فيلتئم عليه"؛ أي: يتكئ عليه كل جَانب من القبر، ويضمُّهُ ويعصرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute